أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


الخطأ ممنوع
06-12-2011 08:50 AM
كل الاردن -

alt


ناهض حتر


أيام صعبة قلقة يقضيها المشرق العربي في الربع ساعة الاخيرة قبل تشكّل النظام الاقليمي الجديد. الهجمة الامريكية شاملة, وقد حققت نجاحات سياسية في استيعاب الربيع العربي, لكن المؤشرات تدلّ على المصاعب الجمة التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الخليج وتركيا وأدواتها الاخوانية والسلفية, في مساعيها لكسر سلسلة الحلف البازغ الذي يمتد من قلب اسيا الى البحر المتوسط (الصين, روسيا, ايران, العراق, سورية, لبنان).

الصين تتململ. فاستراتيجيتها للتوسع الاقتصادي وصلت مداها, ولم تعد ممكنة من دون استراتيجية سياسية وعسكرية موازية. وربما كان استيلاء الاطلسي على ليبيا لحظة يقظة لبيجين التي تجد اليوم ان مصالحها الافريقية المتسعة ليس لها انياب. فهي, بالتالي, مهددة. ويجد الصينيون اليوم ملاذا في التحالف مع روسيا البازغة مجددا كقوة دولية رئيسية.

هنالك لدى الكثيرين تباطؤ في فهم ما يحدث في روسيا, يتأسس عليه اعتقاد بأن موسكو قد تكون مستعدة لبيع سورية في صفقة مع الغرب. وتثبت التطورات عكس ذلك. فمما له دلالة حاسمة ان تقوم موسكو التي ارسلت قطعا بحرية الى الشواطىء السورية, بالكشف عن تزويد هذا البلد بمنظومة صواريخ متطورة مع طواقمها في هذا الوقت بالذات, معلنة ان سورية هي " جزء من امنها القومي". ليس لسورية ثمن لدى الروس المتجهين لاعادة بناء منظومة دولية مركزها سورية التي اذا وقعت في ايدي الاطلسي فسينهار حليف روسيا الايراني (ومعه حزب الله وحلفاؤه في لبنان) وتتراجع الاحتمالات في استقلال وتماسك العراق وانضمامه الى السلسلة الاستراتيجية الجديدة.

في الاثناء, يعيش الاقليم عشية انتصارين ايرانيين على الولايات المتحدة والغرب; انتصار في الملف النووي الذي افلت من الحصار والحرب المستحيلة, وانتصار في العراق الذي تغادره القوات الامريكية مرغمة نهاية العام بلا نفوذ, بينما تتقاسم طهران ودمشق, عناصر ترتيب عراق ما بعد الاحتلال. منذ الان, اصطفت بغداد الى جانب السوريين من خلال تقديم اشكال متعددة من الدعم الاقتصادي بما يكسر اية اثار لقرارات الجامعة " العربية".

داخل سورية استعاد النظام الميادين والشوارع من المعارضة الخارجية. وبينما يتظاهر مئات الالوف من السوريين الرافضين للحصار والتدخل الخارجي والمجموعات المسلحة, هبطت اعداد متظاهري الضد الى عدة مئات في مناطق محددة.

النظام السوري يتجه الى تجديد نفسه, دستوريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودفاعيا. سورية الجديدة,التي نبذت خطيئة النيوليبرالية واقتصاد السوق, سوف تعزز نمطا اكثر جذرية من الاقتصاد الدولتي والعدالة المجتمعية والتحرر السياسي. وبما ان التطورات تتجه الى حلف دفاعي مع روسيا, فسوف يضغط تصاعد الوطنيّة السورية نحو سياسات تفعيل الصراع على جبهتين, اسرائيل, بالانتقال من الممانعة الى المقاومة لتحرير الجولان, وتركيا التي ستدفع غاليا ثمن نزوعها العثماني وولائها الاطلسي. وسوف يعود لواء الاسكندرون المغتصب ليكون على جدول الاعمال الوطني في سورية. اما القوى الهامشية مثل جبهة 14 اذار في لبنان وقطر والاخوان المسلمين, فستجد نفسها في مأزق لا تحسد عليه.

ليست بلا معنى استهانة الرئيس بشار الاسد, في تصريحات حديثة له, بالدولة التركية. فهذه الدولة هشة فعلا, وقادتها حكومة اردوغان العثمانية الى مواجهة اخطار تتهدد بتفكيكها. ذلك ان هنالك انشقاقين كبيرين في تركيا, قومي يتعلق بملايين الكرد ومذهبي يتعلق بملايين العلويين.

الخليج بلا منظومة امنية قادرة على حمايته من الداخل. وتتزايد, لذلك, اعتماديته على الحماية الامريكية. لكن ما هو ضروري لشلّ الخليج امنيا واقتصاديا, لا يتطلب الكثير من الجهود حين يتقرر الرد على التدخل الخليجي في سورية.

كل هذه الاحتمالات الواقعية تضغط على التحالف المعادي لسورية, وتدفعه الى لعب كل اوراقه بصورة متسارعة حتى من دون الحفاظ على خط الرجعة. وقد يلجأ الى خيارات جنونية, ومنها الحرب التي لا يمكن الا ان تكون شاملة. فالرد السوري الناجع على عدوان تركي اطلسي سيكون بإشعال الجبهة السورية اللبنانية مع اسرائيل, والدعم الايراني العسكري للسوريين لن يكون في سورية, بل بالاشتباك مع القوات الامريكية في الخليج. وستكون روسيا مخيرة بين التورّط والخروج من المنطقة وطي مشروع العودة نهائيا. وعلينا ان نتخيل بالطبع ما يلي من حروب فرعية.

وسط كل ذلك تبدو اسرائيل هامشية في حجمها ودورها. وهي تنتظر حربا لم تحددها وغير معروفة النتائج او تنتظر الاسوأ حين ينجح الحلف الروسي الايراني العراقي السوري بملء الفراغ في المنطقة. ولذلك, تظهر تل ابيب في حالة انعدام الوزن.

هكذا, من البلاهة تبسيط الملف السوري الى قصة صراع بين نظام مستبد ومعارضة ليبرالية اسلاموية. فالصراع في سورية, وعليها, معقد تعقيدا بالغا, وستترتب لا على نتائجه فقط بل على مساره ايضا, تفاعلات واستحقاقات كبرى. وهو ما يتطلب من الاردنيين التبصّر والحكمة وتجنّب التورّط والسير الحذر بين الالغام. ان الوضع الاقليمي والدولي معقد بحيث ان الخطأ ممنوع, وعلينا ان نخرج من معمعان المرحلة بشعبنا موحدا وآمنا وبلدنا سالما ودولتنا حاضرة, قضية ومشروعا.

ynoon1@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
06-12-2011 11:42 AM

لا زال موقفك من احداث سوريا كما هو .. يا دكتور لقد سأمنا وهرمنا حقا من افهامك ان الديكتاتوريات ( حسب رأيك ) لا تصلح ولا يرتجى منها خيرا ..لكن اذا كان الواضح غامضا والحقيقة الشمسية لا ترى من وجهة نظرك ... فان موقفك اللاأخلاقي من الثورة السورية .. ستجعل منك خطرا على الحراك الأردني وأسوء من خطر الإخوان المسلمين وزعران النظام ... لقد سأمنا منك وهرمنا ...ولا مكان لك ابدا في الحراك وهذا الأمر ليس اقصاءا سياسيا بل اخلاقيا ... انتم اليسار المتطرف >> ستبقون كما انتم .. وستصيبونا بالربو اذا اقتربتم منا من كثرة الغبار الذي يغطيكم .. ارحلوا ارجوكم مع الأنظمة الفاسدة والأحزاب واتركونا !!!!

2) تعليق بواسطة :
06-12-2011 12:04 PM

اما اردوغان .. فانا اقول ما هو عيب شخص مثله وصل بتركيا مكانة لم تكن تحلم بها ..خذ..مثلا: 1- اول فائض في ميزانية تركيا منذ 26 عاما بلغ 124مليون دولار 2- خفض المديونية من 50 مليار الى 6 مليار في اربع سنوات 3- ارتفاع الإستثمار الى نسبة فاقت 35 % 4- عزل العسكر عن الحياة المدنية وانا اعرف انك غاضب من هذه النقطة لأن العسكر كانوا يشكلون الدرع الواقي لحماية علمانية الدولة ولو بلإضهاد والتزوير( هذه النقطة تعجبك!!! ) 5-التوجه نحو الشرق وخصوصا العرب وغض البصر جزئيا عن الغرب وانتم القومجيون كان من المفترض ان ترحبوا بذلك لكن سبحان الله ابت نفسكم العلية الا ان تتناقضوا حتى مع مبادئكم6-اول من وضع المبادئ الأخلاقية فوق المصالح السياسية وهذا ما فتح النار عليه منكم لأن هذا المبدأ ليس من ايديولوجياتكم السياسية والموقف من سوريا اكبر دليل على ذلك ..... وشكرا

3) تعليق بواسطة :
06-12-2011 12:15 PM

ويا سيدي بالعامية وبعيدا عن اللغة الأكاديمية الديماغوجية السفسطائية الرواقية الثورية ....اعطيني ربع اردوغان في الأردن منشان الله وانا راضي

4) تعليق بواسطة :
06-12-2011 02:04 PM

ابدأ بنفسك

كان لموقعكم احترام كبير اخذ بالتراجع بسبب تلون مواقفكم ولو استمر الموقع على نهجه المحايد لكان له شأن كبير لكن الجهوية وادعاء المعرفة والواسطة خربت الموقع كما خربت الأردن نفسه

شبعنا من التنظير وأبواب الأردن مخلعة
فلنبدأ ببلدنا وبعدين البلاد العربية الأخرى

5) تعليق بواسطة :
06-12-2011 02:16 PM

النظام المستبد يستقي شرعيته من لعب دور القومجي و الثوري و هو في ذلك بحاجة الى المنظرين امثال السيد ناهض و بذلك يصبح للسيد ناهض و غيره مكانه و يصبح من المقربين
النظام في الاردن لايحتاج الى منظرين . و بالتالي لامكان للسيد.
لذلك و انطلاقا من المصالح الشخصية و المتمثلة بشكل كبير بالوصول الى مكان في الدوائر العليا ، يدافع السيد ناهض عن النظام الذي لايسمح لمن هم مثل السيد بفتح فمه و التحدث عن امور العامة و انتقاد النظام لانه مقرب منه و يهاجم السيد ناهض النظام الاردني الذي يسمح و يتسامح حتى مع من يمسون قمة هرمه بشكل شخصي.

والله غريب بس واضح ، لذلك الرجاء التوقف عن بيعنا الوطنية و القومجية نريد عمل على الارض لنا و لاولادنا من بعدنا
وشكرا

6) تعليق بواسطة :
06-12-2011 03:32 PM

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

7) تعليق بواسطة :
06-12-2011 06:59 PM

تحياتي لك
باختصار شديد أوافقك الرأي في اخر سطرين فقط لأن أميركا غيرت أنظمة عربية بنفس الظروف الموجودة الان الخليج هو الخليج و روسيا هي روسيا و ................
الله يحفظ الأردن ويديمها

8) تعليق بواسطة :
06-12-2011 07:44 PM

بالرغم من ممارسة البعض "حتى في التعليقات "ارهاب الرأي وتسفيهه الا ان ذلك لا يمنع من الايمان المطلق بما يقوله انسان بحجم ناهض حتر .

كل المؤشرات في المنطقه تؤكد ان معسكر سوريا هو الرابح شئنا ذلك ام ابينا
فليقل من يشاء رأيه وستكشف الايام ان امريكيا ومن معها اقتربت هزيمته وليتذكر كل واحد تعليقه الى ذلك اليوم حتى نرى .

9) تعليق بواسطة :
06-12-2011 09:03 PM

نعم الخطاء ممنوع ومراقبة الاحداث جيدا هو الاسلوب الافضل لان العالم يعيش بفتره عصيبه جدا اما حلف وامبرطورية الشر الراسماليه الصهيونيه الامريكيه الامبرياليه ان تفلت او ان تضع اول لبنه للانهيار الذي سيريح البشريه من اقصاها الى اقصاه والنصر صبر ساعه وسوريا الشقيقه ستخرج من المؤامره القذره التي تتعرض لها دوليا واقليميا وداخلياانشاء الله لانها ظمن منظومة عالميه تقاوم الظلم والظالمين مصاصين دماء البشر واما الادوات الصغار من خليجيين والاسلاميين الجدد المتحالفين مع الراسماليه واللبراليه الاقتصاديه منذ خمسينات القرن الماضي امثال الاخوان المسلمين والسلفييين ستطوى صفحتهم الى الابد لان الدوله الدينيه التي يطالبون بها هي سلاح امريكي لتقسيم الاوطان على اساس ديني ومذهبي وطائفي وذاهبون بعد الفشل الذي سيواجهونه في تونس ومصر باقرب وقت الى مزبلة التاريخ

10) تعليق بواسطة :
06-12-2011 09:13 PM

النظام السوري فيه ما فيه من الاخطاء التي يجب ان نشخصها وباسلوب علمي اكاديمي.
ما تم طرحه في المقال فيه الشيئ الكثير الذي يستحق التوقف عليه واعادة تمحيصه حتى يمكن فهم المقال من خلال السيناريو الاوسع للمنطقة فسوريا دولة مركزية في الشرق العربي.


حمى الله الاردن والاردنيين من كل الشعوبيين

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012