أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


حتى لا يصل قطار «نفاد الصبر» إلى محطته الأخيرة
06-02-2012 09:01 AM
كل الاردن -

alt
 حسين الرواشدة

 
قبل نحو عامين كتبت في هذه الزاوية عن قصة قطارين: احدهما قطار الاصلاح والآخر قطار “نفاد صبر الناس” لم تكن الثورات العربية آنذاك قد انطلقت لكن اشاراتها وتحذيراتها كانت واضحة بما يكفي لكل من يراقب أو يتابع ما يجري في بلداننا العربية كلها.

في بعض البلدان وصل قطار “نفاد صبر الناس” الى محطته الاخيرة وفي بلدانا اخرى ما زال هذا القطار يتحرك وما زالت سرعته تتصاعد، ومع انني اتمنى ان نستدرك وصوله وان نستبقه من خلال دفع عجلات قطار “التغيير” إلا أن ما يخيفني –حقا- هو ان البعض ما زال “يراهن” على امكانية “اللعب” على القطارين معا وايهام الناس بان بيده “عصا” سحرية تحرك قطار “التغيير” متى شاء وتضبط سرعة قطار “الصبر” متى اراد.

للتذكير فقط، استأذن القارىء الكريم باعادة ما قلته قبل عامين لا لكي اثبت بأن ما توقعته قد حصل، ابدا لم يخطر في بالي هذا، وانما لكي نتأمل فيما حدث حولنا وبما يحدث في داخلنا، نستدرك الخطأ، ونفهم المطلوب ونتحرك بسرعة نحو سكة السلامة.

قلت وقتها ان قصة الناس مع الاصلاح لا تختلف كثيرا عن قصة قطارين انطلقا من محطة واحدة: احدهما انطلق سريعا ثم اخذ يبطىء شيئا فشيئا الى ان توقف.. وحين اجتمعت ورشات العمل لاصلاح عطله ، وانقسم خبراؤها في تحديد موقع الخلل ، تم الاتفاق على تسليك المسألة لتمكينه من السير مؤقتا.. وهكذا ظل يسير ويتوقف.. ولكن ببطء وباحساس عام بأنه يحتاج الى اصلاح شامل ليستعيد عافيته.. اما القطار الآخر فقد انطلق من المحطة ذاتها.. وتصاعدت سرعته شيئاً فشيئا ، لكنه حين تعطل زميله اخذت عجالاته تدور على السكة بسرعة مذهلة حتى اصبح البعض يشك بأنه قد فقد السيطرة..

القطار البطيء يشبه تماما مسيرة الاصلاح ودعواته وتجربته التي عرفناها في السنوات الماضية ، والقطار الآخر يشبه نفاد صبر الناس الذين عولوا على وصولهم الى المحطة في الوقت المحدد ، والمثال الذي سقته سلفاً أحسست انه ينطبق تماما على حالتنا.. فمنذ عشرين سنة انطلق قطار الاصلاح في بلادنا ، لكنه ما زال بطيئا ولم يصل الى المحطة المطلوبة ، فيما لا يزال قطار نفاد الصبر لدى الناس يسير بسرعة ملفتة ، لدرجة ان احدنا لا يعرف الى اين سينتهي به المطاف ، وهذا - وبالطبع - يجعلنا امام خيارين اثنين يمكن ان يصلحا للحل: احدهما يتعلق بالقطار الاول من حيث اصلاحه وزيادة سرعته وتزويده بكل ما يوفر له القدرة على متابعة رحلته.. والآخر يتعلق بالقطار السريع (قطار نفاد الصبر) من حيث تخفيف سرعته او العمل على ايقافه او تطويق ما يمكن ان ينتج عن سرعته من اضرار وتداعيات مزعجة.

لا ادري بالطبع اذا كانت الحكومة - الآن - مشغولة بأحد الخيارين السابقين ، لكنني اعتقد ان الحكومات كلها قد اختارت العمل على القطار الثاني لمنع اندفاعه ، والتقليل ما امكن من سرعته ، ظناً منها ان تراكمات الاعطال والمخاوف التي اصابت القطار الثاني ، ناهيك عن هواجس تكاليف اصلاحه وزيادة سرعته ، اصبحت فوق قدرتها ، وبالتالي فانها اضطرت الى التعامل مع قطار نفاد الصبر من خلال معالجات سياسية واجتماعية واقتصادية.. غالبا ما انتهت الى الجدار.. أو في افضل الحالات الى اعطاء انطباع بأن سرعة القطار قد خفت فيما الحقيقة غير ذلك.

صديقنا الدكتور احمد ابوالمجد يقول بأن العمل يفترض ان يتم في اطارين: احدهما تحت عنوان “الامل” والآخر تحت عنوان “رفع الهمة” ... ويقصد ان ايصال الناس الى اليأس قد يدمر كل شيء ، كما ان الاعتماد على الانتظار الطويل مع نفاد الصبر قد يفضي الى ازمات لا تنفع معها الحلول.. ولذلك فان اي حكومة جادة لا بد ان ترفع همة الناس من خلال اصلاح القطار الاول وهو قطار الاصلاح ، ولا بد ايضا ان تحيي فيهم الامل من خلال تقليل مخاوفهم من سرعة القطار الثاني.. بمعنى المزاوجة بين الخيارين: تسريع وتيرة الاصلاح ، وتخفيف شعور الناس بالضيق ونفاد الصبر وغيرهما من المشكلات التي دخلت من بوابة غياب الاصلاح.

منذ عامين وما زال سؤال هو هو، كيف ندفع عجلات قطار الاصلاح والتغيير؟ والمؤسف انه بعد عام على انطلاق “الربيع” العربي ما زال السؤال يتكرر... ترى ماذا ننتظر؟ هل نحتاج الى اعوام اخرى لكي نلتقط الاجابة الصحيحة؟ ام اننا سنترك لقطار نفاد الصبر فرصة الوصول الى محطته الاخيرة؟ ارجو ألاّ يحدث ذلك لاننا عندها لا نعرف ماذا سيحدث ولا كيف سنخرج سالمين.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012