عمر كلاب

 
تكرّس مفهوم مناقشة الحكومة خلال مفاصل او مواقيت زمنية في الادب السياسي الاردني، ولعل هذا التكريس هو احدى ايجابيات السياسة في الاردن والفضل لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية الذي ساهم في خلق هذه الثقافة منذ العام 1996 ومنحها صدقية معقولة ومقبولة وبات الاستطلاع احد مؤشرات القياس لمزاج الرأي العام الاردني على مستوياته المتباينة.

تطوير الاستطلاع وتثقيف مؤشراته ودلالاته ليسا مهمة المركز وحده بل مهمة المتابعين والكتاب الذين يوفر لهم الاستطلاع مادة دسمة للكتابة والمناقشة، وكتمرين عملي على الاقتراح ساناقش الحكومة من بوابة الاعلام وجهدها في هذا المجال خلال المائة يوم الاولى خاصة وان الموضوع ساخن بعد التسريبات الاخيرة وما رافقها من تداعيات على المشهد الاعلامي وانعكاساته على الجهد الوطني الكلي وعلى مساراته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومحصلة هذا الانعكاس على الجهد الملكي في الاصلاح والتنمية والدور الاقليمي.

الاستطلاع تعامل مع الواقع الاعلامي كجزء من مساحة الحرية والحق في التعبير، “ضمان حرية التعبير عن الرأي والاحتجاج والمسيرات السلمية” وليس كجزء منفصل او تجزئة مساحات التعبير وإفراد مساحة للاعلام بوصفه سبب ونتيجة لحرية التعبير، فالاعلام يعكس الواقع الحاصل في البلاد كما هو اصل الاشياء ويسهم في توجيه الرأي العام وتوفير قوى الضغط لدعم مصالح الناس ومطالبهم، وهو ايضا جزء من الحرية العامة في البلاد، تقع عليه ضغوطات او محاولات احتواء ناعم او خشن، اسوة بالحراكات الشعبية والتكوينات السياسية، ومدى انسجام الحكومة في التعامل مع الاعلام من خلال الرؤية الملكية للاعلام ومحاولاته الحثيثة لرفع سقف حرية الاعلام ومهنيته.

خلال فترة الربيع العربي والحراكات الشعبية تعرض الاعلام لهجوم رسمي ونيابي وسط قبول شعبي نسبي لهذا الهجوم سرعان ما ارتفع سقف التأييد الشعبي للصحافة بعد احداث النخيل، وتنامى دور الاعلام في التأثير في مرحلة الربيع العربي وقبله على المستوى الاردني، لكن اختلالات في الجسم الاعلامي نفسه وغياب متابعة نقابة الصحفيين للقضايا الصحفية وتحديدا ملف الاعلام الالكتروني اضاع الفرصة على الاعلام، واستعاد خصومه قوتهم خاصة بعد التسريبات عن القوائم المتعددة والتي تناثرت وتناسخت تبعا لجهة الدفع.

الاعلام حظي بدعم مرتفع من الملك على عكس الحكومات، وبما اننا في مرحلة المائة يوم الاولى من عمر حكومة الخصاونة، فسنقف امام هذا الملف الخطر والذي يستخدمه الخصوم والمريدون للاساءة او الدعم على المستوى الخارجي والداخلي، فثمة استثمار تم تهريبه وتطفيشه نتيجة خبر منشور في هذا الموقع اوتلك الوسيلة الاعلامية، وهناك خسائر سياسية جرّاء اخبار منشورة او تسريبات سياسية قام بنشرها الاعلام دون تمحيص مهني.

ساحة الاعلام ستبقى ساخنة وقابلة لاضاعة الفرص وسلاحا يستخدم ضدنا اذا ما تحركت الجهات المعنية وبقيت صامتة وعاجزة عن التصرف والتحرك بسرعة لانهاء هذا الاشتباك الذي يضيع جهد البلاد والعباد.

omarkallab@yahoo.com