أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


الملكية الدستورية والقفز في الفراغ
12-02-2012 10:49 PM
كل الاردن -


 باتر محمد  وردم

 
قبل سنتين تقريبا من بدء الحراك الشعبي الأردني، طرحت مجموعة من السياسيين الأردنيين فكرة “الملكية الدستورية” كخيار طويل الأمد لنظام الحكم في الأردن، وذلك أسوة بالدميقراطيات الملكية الدستورية وخاصة في أوروبا الغربية. المقترح الذي تشارك في وضعه سياسيون من الاتجاهات الإسلامية والليبرالية معا حظى برفض واضح من كافة القوى السياسية في ذلك الوقت وحتى من قبل جماعة/حزب الأخوان المسلمين التي نأت بنفسها عن مقترح القيادي الإسلامي، مبدية ايضا انتقادها لكون الفكرة طرحت في معهد دراسات أميركي, حتى لو كان مستقلا.

فكرة الملكية الدستورية عادت في أجواء الحراك الشعبي، وتبنتها مجموعات من الشخصيات السياسية المعارضة، ومؤخرا بدأت تظهر في بيانات ذات طابع محلي مناطقي/عشائري، ولا زالت تسبب نفس المستوى من الجدل الذي رافق الفكرة في طرحها الأول ولكن ضمن مناخ أوسع من حيث حرية التعبير. في المقابل هنالك اتفاق بين معظم القوى النشطة في الحراك الشعبي على ضرورة الانتقال نحو حكومات برلمانية بالسرعة الممكنة وهذا أيضا هو نفس التوجه الذي أكده الملك عبد الله الثاني والذي كرر الدعوة إلى الحكومات البرلمانية بعد انتخابات نيابية جديدة قبل نهاية العام الحالي.

مشكلة من يطرح الملكية الدستورية في هذا الوقت أنهم يقفزون في فراغ واضح يتمثل في غياب تجربة الحكومات البرلمانية منذ العام 1956 وغياب التقاليد والواقع الحزبي الذي يمكن أن يشكل حكومات حزبية ذات قدرة على تحمل مسؤوليات كاملة في إدارة الدولة. ما يزيد الامور غموضا يتمثل في العناصر السياسية الخارجية التي تؤثر على الدولة الأردنية وتجعل من مطلب الانتقال السريع إلى الملكية الدستورية بمثابة عملية انتحارية أن جاز التعبير، وخاصة فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني وعدم حسم الدولة الفلسطينية المستقلة والوضع المشتعل في سوريا المفتوح على كافة الاحتمالات.

بات من المؤكد أن الأردن يجب أن ينتقل سريعا إلى مرحلة الحكومات البرلمانية ولكن هذا يحتاج إلى بنية تشريعية ومؤسسية مختلفة عما هو قائم الآن، وخاصة في قانون انتخاب يعكس أكبر قدر من العدالة الاجتماعية والسياسية وكذلك وجود أحزاب قوية ذات امتدادات وقواعد شعبية وذات برامج متكاملة تستطيع تحمل مسؤولية إدارة الدولة. لا يمكن القفز إلى الملكية الدستورية بدون المرور ولعدة سنوات في تجربة الحكومات البرلمانية .

لو فرضنا أن الانتخابات النيابية “النزيهة” أقيمت في نهاية العام الحالي وضمن الأوضاع الحزبية القائمة فمن شبه المؤكد أن الائتلاف الذي سيشكل الحكومة سيعتمد على تحالف الإسلاميين مع قوى مساندة تستطيع تجاوز حاجز الأغلبية البرلمانية وقد يكون من بينها بعض الأحزاب الجديدة ذات المرونة السياسية القابلة للتحالف مع التيار الإسلامي. هذا سيشكل بدوره تجربة فريدة في الحياة السياسية الأردنية ولا بد من خوضها بالكثير من الحذر والترقب مع توفر ضمانات دستورية تتمثل في صلاحيات الملك في قرارات الحرب وبعض القضايا الحساسة الأخرى. وكلما أثبتت التجربة نجاحا يمكن الانتقال خطوة نحو مرحلة أكثر تطورا ولكن المطالبة بالملكية الدستورية في هذه الظروف وبدون تجربة سياسية في الحكومات البرلمانية وبدون قاعدة حزبية حقيقية هو قفز في الفراغ يهدد استقرار البلاد.

batirw@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-02-2012 08:54 AM

I used to believe as you do ,,BUT,, Jordanians have proven great political non violent maturity since the Tunisian revolt .The new aggressive American policy in the Middle East proved that the King "with respect" have to lead the transition to constitutional Monarchy as King Juan Carlos did in Spain,,,if things remain as they are ,Americans will believe that they can put pressure on one person"The King" to get to thier task ,they will not care to what extend that pressure will damage the credibility of the leader and that will encourage rising powers with questionable agendas to take over the seen from the King and the Nation...!!!,,Change by destructive revolutions was not only the policy of Soviet Union but also the United States

2) تعليق بواسطة :
13-02-2012 04:45 PM

الكاتب المحترم . نتفق معك لحد معيًن . وللتوضيح علينا التساؤل .هل لو كانت الملكيه الدستوريه متبعه في الخمسينات كنا وصلنا الى التوطين الحالي ؟؟ وهل لو كانت لدينا ملكيه دستوريه في ال 74 هل كان قرار فك الأرتباط تاخر الى ال 88؟؟
الواقع هو وجوب الأنتقال للحكومات البرلمانيه ولكن بطريقه عادله تعالج جميع الحساسيات وتضمن للشعب الأردني عدم تحويل وطنه الى وطن بديل ومن ناحيه ثانيه يجب دراسه التجارب العربيه "وخصوصا مصر" لبيان ان النتائج الأنتخابيه وسيطرة الأخوان والسلفيين على مجلس الشعب لا تمثل انعكاساً حقيقياً للشعب المصري المعتدل المزاج وأنما تمثل سيطرة "الأكثر تنظيماً حركيا" على أرادة الشعب .

3) تعليق بواسطة :
13-02-2012 04:54 PM

أن ما يجب الوصول له هو التمثيل "الحقيقي" للشعب الأردني , وبهذا المعنى فيجب النظر للاخوان المسلمين انهم من "بضاعه الماضي " ولذا يجب محاكاة الأنتقال الديمقراطي في اسبانيا عام 76 والتي ابتدأت بدون وجود احزاب وانما أبتدأت "بتكتلات " برلمانيه "من البرلمان" تحولت الى احزاب جماهيريه مع مرور الزمن .

يجب الأدراك تماماً ان تمكين الشعب الأردني هو الوسيله الوحيدة لمحاربه مؤامرة الوطن البديل ولذلك فمع الصوت الواضح القوي الذي لبس فيه للشعب الأردني برفض الوطن البديل ابتدا حتى الأخوان المسلمين بأخذ مواقف براغماتيه تحاكي مطالب الشعب الأردني "فهم يتدارسون فك الأرتباط" لأنهم في النهايه يريدون تقويه فرصتهم ويعرفون اتجاهات الشعب الأردني .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012