رائد علي العمايرة
 
 
 
 رُبَّ خلوةٍ لجبانٍ وجد أمامه لوحة مفاتيح ، ففرغ بطقطقات أزرارها حقدا دفينا ................يُـشرِّبُهُ الحرفَ تلوَ الحرفِ ليخرج غِلاًّ غَـلَتْ مراجله في صدره زمنا، فلما رأى الخصم أمامه باديا بعنفوان وشموخ على صفحة مقالٍ أو مُزْهياً على شُرْفَةِ خَبَرٍ ،زاد اصطفاق الغليان في صدره وأحرق اغشية قلبه الملئ بالحقد ،فأطرق برأسه الى اللوحة وأخرج سُمَّهُ الكامن كلمات ٍتنضح بالجهل وتنضح بالغلِّ وتنضح بأشياء أخرى نثرها كطلاسم في تعليق غبي أسفل الخبر أو المقال.
 
 
 
 
 
 من هناك أطلق سهمه الخبيث ذلك الستيني أو ذلك العشريني،ذلك الذكر أو تلكم الأنثى، وجلس ينتظر -نشر تعليقه - على أحر من الجمر، ليظهر التعليق باسم ٍنكرَةٍ كما هو بالضبط حال ذلك النكرة الجبان المتخفي....ففي أخلاقه نكرة ....وفي حياته نكرة .....وفي ثقافته نكرة ....(الى فلان) ...أو يا فلان ...أو باسم (الإنسان الاول) أو باسم (الرجل الخارق) ...أو باسم ٍ عابث ٍ....... .... ...أو ...او..عناوين تقرؤها تقززك سفاهة أصحابها إذا ما قارنتها بالمكتوب في التعليق الذي يحمل غلاَّ يكاد يقتل صاحبه .
 
 
 
 
 
 
وأصحاب المواقع يتلقفون كل هذه السموم وينشرونها ،ضربا من الحرية في التعبير للسفهاء، وضربا من البلطجة تحت مسمى مناقشة المقال، ويشترك الجميع بإسراف في الاهانة .......وليت ان ما يقال يُناقِشُ المكتوب أو يحلله ولو خلافا لرأي الكاتب، هنا لا مشاحَّة في ذكر الاسم او عدم ذكره، ولكن أكثر ما يُبَث عبر التعاليق ويتفشى في زاويتها ثقافة ابناء الأرصفة، واخلاق شذاذ الشوارع ، وبعض المتلونين ممن تتفتق شفاه بعضهم عن ابتسامة مصطنعة رقيقة، ومصافحة حارة بكف يقبض ولا يبسط، وإلحاح في السؤال عند اللقاء عن الأحوال ، إن كنت تعرفه، حتى تواتيه فرصة الخلوة الى جهازه فيخلع ذلك القناع اللطيف ليُسْفِرَ عن مسخ ٍ أسود مليء بالحقد، ويمارس ساديته بجبن عبر الكلمات، فتنكشف عورته أحيانا بزلة.......... ويظهر عنوانه بعلة...... وكَمْ ...وَكَمْ عرفت من هؤلاء من لم يكن مني أية إساءة بحقهم، ولكنها كما قلت قدور مليئة بالغل تغلي فوق مراجلها لم تجد مُنْدَوَحَة ًللتخلص من احترارها وضغط أحقادها في الضياء الرحب فنفست شيئا منه في الظلام عبر التعاليق على المقالات.
 
 
 
 
 أيها القارئ أياً كنت...... ناقش ما تقرأ باحترام، وقل ما تشاء فلك الحق أن تقبل ما نكتب أو ترفضه،ولك الحق أن تعدل فيه وترشدنا إلى خير منه، ولنا الحق أن نقبل منك أو نرفض، فالبنسبة لي لا أرى أن ما أكتبه هو الحق الذي لا مناص منه ولربما راجعت مقالا قديما لي فخالفت قولي بما ظهر لي بعد من الحق، ولكن ليكن النقاش نقاشا .
 
 
 
 
 
 أما أنت ايها الطاعن المتخفي فلا أرى لك وزنا حتى اناقشك،فإنما انت غبار أو هباء انطلق في هبة ريح، وقد يسعدني أحيانا ما أجد من دسك او طعنك باسم مستعار يزيدك هوانا على هوان،فإن كنا لا نراك فاعلم ان الله يراك، واعلم أن ما ينقص من مروءتك هو بمقدار بقائك مختفيا، وما دمت أحيانا يعجبك ان يخاطبك الناس برقم،فهذا يعبر عن وزن مروءتك عندك ،فإن كنت تقبل هذا فاعلم ايضا أن نقص المروءة يخرج البشري عن بشريته فيليق به عندئذ أن ينادى برقم، اعلم أيها الأزعرانني لم أظهر للعلن وفي ظني انني أحمل ما يشينني لعلمي أن أمثالك يتعلقون بجوف كهوف المكر كما تتعلق الخفافيش،ولا تتقن لعماها أن تمارس نشاطها إلا في الظلمات وما قولي لك ولأمثالك إلا إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
 
 
 
 
 
 
 
 وهناك من يتعامل مع التعاليق كوظيفة رسمية يتقاضى عليها أجرا،وقد نشر مثل ذلك عن رئاسة الوزراء في خبر قرأته، كذلك ما يقال من ذلك عن المؤسسات الأمنية، لتوجه الخبر أو المقال إلى غير وجهته، وتحرف المقال عن بغيته، وهذا يدل طبعا على وزن الصحافة الإليكترونية ومكانتها وقوتها، ويحتِّم أيضا أن يكون هناك أصول لنشر التعاليق بأن تكون على الأقل تناقش المكتوب ولا تتطرق للكاتب إلا ان يكون مرسلها يكتب باسمه الحقيقي عبر وسيلة تثبت حقيقة شخصيته، ولن يكون صعبا توفيرها عند أصحاب المواقع الذين يهمهم أمر الثقافة وطهارتها وتنقيتها من البلطجة وأخلاق الزعران والسوقة، هذا ان كان هناك من يهمه الامر.

raid_ali_1970@yahoo.com