أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


المعضلة الأولى في المناهج (2-2)

بقلم : د.محمد ابو رمان
18-02-2016 12:27 AM
المسألة الثالثة التي توقفت عندها في مقال أمس (بشأن موضوع المناهج المدرسية)، تتمثّل في أنّ المعضلة الحقيقية للمناهج المدرسية ما تزال في ضعف النزعة النقدية، العقلانية والواقعية، لدى طلبتنا.
مثل هذه الدعوى ليست جديدة، لكنّها أصبحت اليوم تتطلب تفكيراً جديّاً وعصفاً ذهنياً عميقاً، للمقارنة بما وصلت إليه المناهج والكتب المدرسية في العالم، أو حتى في التعليم الدولي بفروعه المختلفة، والذي يعمل منذ المرحلة المبكّرة جدّاً على تنمية الحسّ البحثي والتفكير والربط لدى الطلبة، ويعزز لديهم استقلالية الشخصية والتفكير واتخاذ القرارات والعمل الجماعي في المشروعات البحثية، وهو أمر أعاينه شخصياً مع أبنائي!
'داعش' لا ينمو فقط في كتب التراث الديني، وإنما ينمو بصورة أكبر في العقلية غير النقدية التي تستسهل القبول بأي مسلمات، بلا تفحّص وتفكير وشكّ. فالبيئة النموذجية المثالية الفضلى لهذا النزوع، تتمثل في تغليب العواطف على العقل، حتى في الكتب التي تدرَّس في بعض الأحيان.
ولعلّ إحدى الآفات الكبرى التي تتحمل مسؤولية كبيرة عن تسهيل عملية 'غسل الأدمغة' لشبابنا، هي ما أُطلق عليه 'المثالية المفبركة'، فنجعلهم يتعلّقون بماضٍ مثاليّ ناصع الجمال فقط في مخيلاتهم، بينما هو لم يكن واقعياً كذلك، ما يخلق أنموذجاً مثالياً ذهنياً غير واقعي ولا صحيح.
ولأنني أعلم أنّ هناك من سيعترض على هذه الجملة القصيرة، فإن ذلك لا يعني إدانة الخبرة التاريخية الإسلامية عموماً، أو الحكم عليها بصورة معلبة إيجاباً أو سلباً، بل ضرورة أن نقرأ التاريخ بدرجة أكبر من الواقعية والعقلانية والموضوعية، بعيداً عن العاطفة التي غلّفت شطراً من الإنتاج المعرفي في العالم العربي.
هذا يقودني إلى مشكلة حقيقية، في ظني، في ثقافتنا، انعكست بصورة أو أخرى على الكتب المدرسية، وتتمثل في ضمور الفلسفة الواقعية فيها! فالطلبة مغرقون بشعر الغزل والهجاء والمديح والأدب العربي القديم (غالباً)، وهي معرفة جيّدة إلى درجة معينة، بعد ذلك تنقلب إلى 'الضد'. بينما هناك قصور شديد في تدريبهم على منهج التفكير الواقعي وربط المفاهيم بالواقع، في مختلف العلوم والمعارف. وربما من العبارات الجميلة لمحمد جابر الأنصاري: لو كنت مسؤولاً عربياً، لفرضت تدريس مقدمة ابن خلدون في المدارس كافة، لأنّها تنمّي النزعة العقلانية لدى الطلبة.
في كتب التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، يمرّ الطلبة على الموضوعات وعلى تاريخ الحضارات وتاريخ الأنباط (مثلاً)، من دون أن تكون هناك محاولة لترجمة هذه المعلومات الجافة المتراكمة المكثّفة في كتاب التاريخ (للصف السابع مثلاً)، بمشروعات بحثية وأفلام وثائقية واستكشاف لتلك الحضارات والثقافات. بينما في التعليم الدولي، وفي صفوف مبكّرة جداً، يبدأ الطالب يتعرف على ثقافات الشعوب وأديانها والجغرافيا الثقافية والسياسية، فتتولد لديه منهجية واقعية مقارنة عبر مراحل التعليم المتتالية.
الأمر لا يختلف في كتب الرياضيات والفيزياء والبيولوجيا والجيولوجيا؛ إذ برغم أنّ المناهج التعليمية تتحدث عن الجانب التطبيقي والعملي، إلاّ أنّ واقع الحال في تدريس الكتب الصفيّة بعيد تماماً عن ذلك. وما أزال أذكر أنّني سألت عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية أستاذ الرياضيات عن جدوى دراسة اللوغاريتمات، فضحك هو وطلاب الصفّ مستغربين السؤال. ولم أعرف إلاّ قبل أعوام كيف اكتُشف حساب اللوغاريتمات والفائدة العملية من ورائه، وكانت فيزيائية، بينما -وأعتذر للمقارنة مرّة أخرى- في التعليم الدولي الذي يطبق في بعض مدارسنا، يأخذ الطلبة هذه العلوم مقترنةً بصورة كاملة لتطبيقها الواقعي والعملي.
هناك اليوم عشرات الأفلام الوثائقية التعليمية الرائعة حول الفيزياء والرياضيات والكيمياء، فلا داعي للإصرار على الكتب المدرسية والأساليب الراهنة التي تعزل هذه العلوم عن المنهجية الواقعية!

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
18-02-2016 06:09 AM

المناهج بلعبوا فيها وكل ما صارت مشاكل بالعالم بركضوا يلعبوا بمناهج العرب واللعب الاكثر بمناهج الدين والعربي

بعد اوسلو لعبوا فيها لما فلسوا وبعد ما وقعن البرجين وامريكا اتهمت العرب بالارهاب لعبوا فيها لما فلسلوا وبعد الربيع العربي وتدعيش الثورات العربية وقاعدين بلعبوا وبشوهوا مثل ما بدهم لدرجة انهم حرقوا كتب ابن تيمة وابن الجوزية وشعراوي وغيره وبكرة بيصير شغله عندهم جديدة بتوصل معهم يحرقوا القران وكتب البخاري ومسلم وبتهموا رسولتا بالارهاب وبتحججوا بالرياضيات والفيزياء وهدفهم لغتنا ودينا وث

2) تعليق بواسطة :
18-02-2016 08:33 AM

مقال عميق جدا ومفيد اليكم هذه القصه البسيطه التي نقلها لي حفيدي صف kg2,نقل ببرائته كما سمعها من معلمته وهنا كلمة معلمه كبيره ولكن هذا الذي حدث انقل لكم حرفيا ولغويا يقول لي محمد جدو خالد الوليدقطع رؤوس الروم بالمعركه واي معركه قال يرموك وبعدين فقال وديني عليها اشوف .فقلت بنفسي والله بكير كثير على طفل 4سنوات سمع بقطع الرؤوس اولا عرفت ان التي يطلق عليها معلمه عينت للاسترزاق براتب 150دينار لبينما يأتي دورها بنظام الخدمه اصلا غير مؤهله ان تطبع بعقول هذه الزهرات البريئه القتل .هنا الخطه يتبع...

3) تعليق بواسطة :
18-02-2016 08:38 AM

التي تتحدث عنها اخ محمد التفكير الواقعي لاتتبناها معلمه متخلفه تربت هكذا وتنقل تربيتها الى الاجيال اقول يجب على وزارة التربيه والحكومه ان تتبنى خطه طموحه وطنيه لتدريب المعلمين واعطائهم الخطط المدرسيه من رياض الاطفال الى التوجيهي وخاصه المدارس الخاصه قبل التحاق المدرس الى الميدان ويراقب هذه الخطه المدونه بدفاتر المعلمين موجهين من الوزاره على درجة عاليه من الثقافه لا ان يذهبوا الى المدارس وهم في الحقيقه بتسوقون بالمؤسسات الاستهلاكيه والاوردر هو الاشراف التربوي هناك عفن اداري بمنظومتنا .يتبع

4) تعليق بواسطة :
18-02-2016 08:44 AM

التعليميه والاداريه بدايتها من ديوان الخدمه حيث ان التعيين هدفه تخفيف البطاله والاسترزاق لا المهنيهولا النوعيه حيث التركيز على الكم بدل الكيف حتى بجلسات الحكومه السؤال كم عدد الذين تم تعينهم في الوزارات ولا سؤال عن النوعيه والاحترافيه والتخصصيه في الموضوع .مثلا هناك قضيه تؤرق التربيه والجسم الحكومي منذ عشرات السنين وهي التقارير السنزيه للمعلم والموظف حيث ان الذي ينافق للمدير او المديره يكون تقديره 98 والحكم عليه لعلاقته بالمدير لا مهنيته او نشاطه بينما معلمه نشيطه ولا تجيد النفاق يتبع.........

5) تعليق بواسطة :
18-02-2016 08:51 AM

بجلب الشبس والشوكولاته للمديره وتعطي حصصها بتميز واحتراف يكون تقديرها بالتقرير السنوي 80 وتوقع المديره عنها .الفرق بين الاولى والثانيه الاولى يتم ترفيعهابسنه قبل الثانيه المسكينه الملتزمه يعني ظلم فظيع والمشكله ان مدراء التربيه والوزير ورئيس الحكومه ومراقبة الاداء الحكومي ومسميات اخرى يعرفون ذالك ولا يحركون ساكنا .المطلوب من وزير التربيه القوي بمهنيته المعهوده ان يحسم موضوع التقارير السنويه للمعلمين لما يحدثه من ظلم واستقواء وفساد ممنهج يؤدي الى الجريمه المنظمه واحتقان تربوي يهدم وبسرعه

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012