أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


للمفرق ربٌّ يحميها

بقلم : م. محمد يوسف الشديفات
23-02-2016 08:00 AM
لستَ بحاجة إلا لجولة مدتها ساعة من نهار في شوارع محافظة المفرق لتكتشف حجم المعاناة التي يعيشها أهلها، فالأعباء قد أثقلت كاهل المحافظة، والمدينة التي كانت فيما قبل تقدم الخدمات الأساسية لأبنائها بشق الأنفس، تستقبل اليوم من اللاجئين السوريين ما يفوق عدد سكانها الأصليين، ولم تعد المأساة التي ترزح المحافظة تحت وطأتها مجالاً للمزايدة، بل باتت تشكّل كوارث انسانية واقتصادية واجتماعية وبيئية تفتح الباب لعشرات الاسئلة حول ادراك الحكومة لخطورة واقع المحافظة وجديتها في التعامل مع احتياجاتها.

ندرك تماماً بأن مسألة اللجوء هي مسألة انسانية بحتة، لكن ليس من الانسانية في شيء ان تتكبد المفرق وحدها أبهظ الأثمان جراء ذلك اللجوء، فمخيم الزعتري الذي أُنشئ بصورة مؤقتة لبضعة آلاف، يعد اليوم ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم، ولو اخذنا على سبيل المثال الأثر البيئي لهذا التجمع العشوائي وما ينتجه من ملوثات مختلفة، ووضعنا أمام اعيننا حقيقة ان محافظة المفرق تحوي على 75% من مخزون الأردن المائي وتعد ثاني مصدر للإنتاج الزراعي بعد الأغوار، لاكتشفنا دون عناء بأن من خطط لإنشاء المخيم في هذا المكان قد وضع قنبلة موقوتة تهدد الأمن المائي والغذائي للمملكة.

أعداد اللاجئين في المحافظة خارج حدود المخيم شكلت هي الأخرى ضغوطات من نوع آخر، حيث ارتفعت الايجارات السكنية الى حوالي ثلاثة اضعاف ما كانت عليه في السابق، وارتفعت معها الاسعار بصورة عامة وبشكل غير مبرر، وأصبحت العمالة السورية الغير منظمة منافساً قوياً لأبناء المفرق على معظم فرص العمل في المحافظة، ولم يسلم الواقع التعليمي في المحافظة من الضغطوطات نتيجة الاعداد الغفيرة من طلبة المدارس، في حين ان نظام الفترتين المتبع في مدارس المحافظة سوف يقلل العمر الافتراضي لتلك المدارس التي كان معظمها بالاساس يحتاج الى صيانة، وبات من الطبيعي ان تسمع خبراً عابراً مفاده ان 60 مدرسة في محافظة المفرق لم ينجح منها أحد في الدورة الشتوية لامتحان الثانوية العامة.

اللقاء الذي جرى مؤخراً بين جلالة الملك وشخصيات من محافظة المفرق كان بروتوكولياً صرفاً، ولم تفلح الشخصيات التي تم اختيارها ودعوتها من قبل الديوان الملكي للقاء جلالته في نقل الصورة الحقيقية لواقع المحافظة، كما غاب الحديث عن العديد من المشاريع التي أُقرّت في السابق واصبحت فيما بعد حبيسة الأدراج والمكاتب، كالمستشفى العسكري وشبكات الصرف الصحي والمراكز الصحية الشاملة والمدارس العسكرية والحكومية وغيرها الكثير من المشاريع التي سمع عنها ابن المفرق ولم يراها بعد، وكان من الضروري ان يُطلب وبشكل رسمي بأن تكون الأولوية في التعيين والتجنيد على مستوى المملكة لأبناء المفرق استشعاراً من الحكومة لشبح البطالة المخيف الذي يُلقي بظلاله على المحافظة وشبابها.

محافظة المفرق، المحافظة البيضاء التي طالما انحازت إلى الوطن وقيادته، والتي أبت أن تحتضن الأصوات النشاز والمسيرات المضللة في أحلك الظروف، تُترك اليوم لتواجه قدرها لوحدها، فالمشاكس فقط هو من تتم مفاوضته، والمفرق لا بواكي لها، كما أن حظها الجغرافي كان عاثراً ولم يضعها في عمان أو العقبة أو على الطريق الواصل بينهما.

رحم الله الشاعر الكبير حبيب الزيودي، إذ لم أجد لوصف حال محافظة المفرق أفضل مما قاله حين قال:
وما لاقينَ من عمّان ودّاً .. يجود به الودودُ على الودودِ
ومثلي لا يكافأ في جحودٍ .. فكوفئ بالجحودِ وبالجحودِ

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
23-02-2016 08:43 AM

too late

2) تعليق بواسطة :
23-02-2016 11:53 AM

هذا المقال في طياته رسالة لمواطني محافظة المفرق لا تخطأوا في كل مرة بحق أنفسكم وتختاروا ممثلين لا يعرفون وجعكم ولا يكترثون لمصالحكم . شاهدوا بأعينكم نتائج ما قدمت رموزكم في مجلس النواب وفي كافة المنابر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012