أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


نحاول أن نبقى.. عرباً

بقلم : طارق مصاروة
02-03-2016 01:02 AM
والزمان عجيب، ففي الوقت الذي اعتقد فيه الجنرال غورو الفرنسي ان الأفضل لسوريا هو تقسيمها الى اربع دول: حلب، ودمشق، وجبال العلويين وجبل الدروز.. وبرئاسة المندوب السامي الفرنسي , أصبح الفرنسيون هذه الايام هم الحريصون على وحدة سوريا، وأصبح الروس هم الداعون إلى تجزئتها في فيدرالية، لا يرفضها الأميركيون بعد أن قالها الوزير كيري بان فشل وقف الاعمال العدائية سيؤدي الى تجزئة سوريا.
قد تكون تصريحات الروس وتهويمات الاميركان مجرد تهديد للمعارضة السورية، لكن ما جرى في الفيدرالية العراقية على يد قوات الاحتلال الأميركي - الغربي، ادى الى اللا دولة في العراق: الى مكونات شيعية وسنية وكردية في حالة صراع مستمر. حتى ان العاصمة الفيدرالية بغداد ليست إلا الشكل الصارخ للمحاصصة في البرلمان والوزارة والميليشيات المسلحة.
الفيدرالية هي لكل الخبراء الدستوريين قمة الممارسة الديمقراطية. والا فانها ستكون: الاتحاد السوفياتي , فسويسرا لها ثلاث لغات، ولها اكثر من عشرة كانتونات لكل كانتون ادارته، ولها برلمانها الاتحادي.. ومع ذلك فهي تحيل قضايا كثيرة الى الاستفتاء الشعبي.
بريطانيا العظمى تتحول الى فيدرالية، الولايات المتحدة طبعاً،..المانيا فرنسا.. لكن السودان فشل في الاقليمين الشمالي والجنوبي، ودارفور.. ثم فشل في دولتي الشمال والجنوب. وفي تاريخ إفريقيا كانت هناك اثيوبيا فيدرالية انقسمت مع اول انقلاب عسكري وخرجت منها ارتيريا. وذهبت الى الحرب مع الصومال لانها تسيطر على قبائل صومالية.
سوريا في ظل تقاتل يأخذ اشكالا مذهبية وعنصرية من الصعب حكمها بالفيدرالية. الا اذا صارت عراقا ثانيا او لبنان ثانية. وحين كان الأردن منذ الثمانينيات من القرن الماضي يحذر من بلقنة المنطقة على ضوء ما آلت اليه صراعات لبنان وحربه الأهلية، لم يكن احد يتصور ان تكون البلقنة بهذا الاتساع، وان تشمل دولتي العراق وسوريا. وهما دولتا البعث، والقومية العربية، والوحدة والحرية.
نجح السوريون في افشال المخطط الانتدابي الفرنسي، واعاد الاستعمار ذاته دولة سوريا كما تقررت في سايكس - بيكو، واستقلت سوريا وخرج الفرنسيون.. ولم يكن احد يحلم بأن يسمع بالفيدرالية السورية. لكن ذلك حدث.
نحدد دور بلدنا ونظامنا السياسي بالكثير من الاعتدال والتروي. في هذه الفوضى المحيطة بنا فنحن نحاول أن نبقى.. عرباً.

(الراي )

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012