أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


التجسس بين الأزواج.. اقتحام للخصوصية يشعل نار الغيرة

07-04-2018 10:46 AM
كل الاردن -
لم يعد يحتمل الأربعيني خالد الصفدي مراقبة زوجته الدائمة لهاتفه والبحث في سجل المكالمات الخاص فيه، والرسائل النصية التي تصله باستمرار.
حاول الصفدي مرات عدة تفهم خوف زوجته وغيرتها عليه، إلا أن الأمر زاد عن حده وفق قوله، الأمر الذي خلق مشاكل وخلافات أسرية كبيرة.
'أصبحت زوجتي تتسبب بالمشاكل على أقل سبب وأصبح أي تليفون يقلقها'، حتى أطفاله الصغار أصبحوا يراقبونه لمعرفة إن كان يتحدث بالهاتف أم لا، وبات الأمر بالنسبة له مزعجا ومقلقا في الوقت ذاته.
محاولات الصفدي بمناقشة الأمر مع زوجته لم تنجح، خصوصا وأنها تعتقد أن ما تقوم به حق لها، بحكم أنها زوجته وأم أولاده.
لا تقتصر مراقبة الهواتف على الزوجات، فحسب، بل هناك العديد من الأزواج الذين يستبيحون هواتف زوجاتهم وحساباتهم على مواقع التواصل الإجتماعي 'إن وجدت'، باعتباره زوجها وأمر طبيعي أن يراقبها.
بيد أن معاناة العشرينية روان حسن مع شك وغيرة زوجها باتت تخنقها، إلا أن وجود أطفالها الثلاثة الصغار هم سبب صبرها وتحملها بحسب قولها.
وروان تؤكد أن 'القصة ما وقفت على مراقبة تليفوني وبس حتى أنه أصبح يسبقني على التليفون عندما يسمع رنينه'، موضحا أنه في كل مرة تترك فيه هاتفها وتذهب إلى غرفة أخرى تجده أسرع للتفتيش فيه ورؤية رسائلها ومكالماتها الصادرة والواردة.
بدوره يشير الأخصائي الأسري خبير العلاقات الأسرية رئيس جمعية العفاف مفيد سرحان أن الأصل في العلاقة الزوجية أن تبنى على الثقة والمودة والرحمة بين الطرفين، فالثقة أساسية في العلاقة بين الناس، خصوصا بين الزوجين.
ويبين سرحان أن الثقة لها أسس ومقومات تقوم عليها، واهتزاز الثقة يؤدي إلى إنهاء الحياة الزوجية، مبديا أسفه للجوء بعض الأزواج إلى التجسس على الآخر، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة، لاسيما في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من هذا الأمر متاحا ليس فقط بين الأزواج وإنما بين الأشخاص بمختلف صفتهم.
ويرى سرحان أن التجسس من منظور إجتماعي مرفوض، لأن له عواقب كبيرة، وقد يشغل الطرفين بحرب ومعارك تصرفهما عن أداء واجباتهما وتحقيق رسالة الزواج وبناء الأسرة.
إلا أن سرحان لا يعتقد أن الجانب القانوني وفرض العقوبات هو الحل المناسب لهذه التصرفات، إذ أن تدخل القانون في هذه الحالة لا يحل المشكلة وإنما يفاقمها ويهدد استقرار الأسرة، بل وقد تنهار الأسرة بأكملها.
ويبين أنه في الأصل وجود الثقة واستمراريتها بين الأزواج واستدامتها، وهذا يتحقق بالمفاتحة والمكاشفة بين الزوجين والصراحة والحوار الدائم، مع إبقاء جانب من الخصوصية لكل منهما.
ويقول سرحان أن الخصوصية حق للإنسان، وهذا لا يعني أن التواصل مع أشخاص غرباء قد يؤثر على العلاقة بين الزوجين، لا سيما وأن الأصل أن يغار كلا الزوجين على الآخر وهي صفة محمودة، إذا لم تتطور إلى هواجس ومرض.
ويرى أنه لا بد من البحث عن المسببات التي تؤدي ببعض الأزواج إلى التجسس على الآخر وتؤثر على الثقة، موضحا أن ملاحظة إصرار طرف على إخفاء بعض الاتصالات مع الآخرين، يشعر الطرف الآخر بأن هناك شيئا مخفيا عنه.
ويؤكد بدوره كخبير للعلاقات الزوجية إلى أن هذه التصرفات من شأنها أن تجعل العلاقة بين الأزواج فاترة، ويتولد الشك بأن هناك أشخاصا أصبحوا طرفا يؤثر على هذه العلاقة.
في حين يعتبر الشرع تجسس الأزواج على بعضهم البعض غير جائز، بحسب خبير الشريعة الدكتور منذر زيتونة، مؤكدا أن الشرع ضد التجسس مطلقا، مستشهدا بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي تنهى عن التجسس عن بعد أو عن قرب، والأصل في المسلم أن يكون صادقا ومصدرا للثقة.
ويشير إلى أنه لا يجوز للزوج أو الزوجة التجسس على الآخر بدعوى الحفاظ على الأسرة أو مصلحة العائلة، لأن ذلك يفضي إلى مشاكل أكبر من المشكلة الأساسية، لافتا إلى أن جميع أحكام الشريعة الاجتماعية والدينية والأسرية لا تبنى إلا على اليقين أو غلبة الظن، أما التجسس فيبنى على الظن ويترتب علية الاثم والكثير من المشكلات.
وعلى الصعيد النفسي يتفق أخصائي علم النفس الدكتور موسى مطارنة مع ما سبق بضرورة أن تبنى العلاقة الزوجية على الثقة والقناعة واليقين، وأي خلل في هذه المنظومة يخلق حالة من عدم الاحترام.
التجسس بين الأزواج يخلق حالة من الشك التي لا تليق بأي علاقة زوجية محترمة، ففي العلاقة الزوجية يجب أن يرى كل طرف في الآخر القدوة ولا يجوز أن يتم التحليل بناء على المغالطات بشكل أو بآخر.
ويعتبر مطارنة أن التتبع بين الأزواج ومراقبة الاتصالات والرسائل النصية كلها حكايات تؤدي إلى خلل في الحياة الزوجية، معتقدا أنه لا يمكن للحياة الزوجية القائمة على الشك والتجسس أن تكون تكاملية تقوم على الحب والود والاحترام. لابد من وجود حالة من الحوار بين الزوجين وتفهم متطلبات كل منهما الآخر، وكذلك خصوصيته ويجب ان يبتعدوا عن موضوع التجسس لما له من آثار مدمرة على نفسية الأزواج وتحدث شرخا كبيرا على العلاقة لزوجية، فضلا عن الاسقاطات النفسية وحالة الحيرة والشك التي قد تدمر أحد الطرفين.
وكان لقرار أصدرته وزارة الثقافة السعودية بعقوبة الزوج أو الزوجة ممن يتجسس على هاتف الآخر، حيث اعتبرتها جريمة يعاقب عليها بغرامة كبيرة أو بالسجن لفترة تصل إلى عام بموجب قانون جديد يهدف لحماية أخلاقيات الأفراد والمجتمع وحماية الخصوصية.
وقد فرض القانون ذاته غرامة تصل إلى 500 ألف ريال أي ما يقارب 133 ألف دولار أو السجن أو كليهما معا.
من جهة أخرى حظي الخبر باهتمام واسع من قبل الناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر، عبر بعضهم عبر تدويناتهم وتغريداتهم عن تأييدهم للقرار، في حين أعتبره آخرون تدخلا في العلاقة الزوجية واقتحاما لخصوصية العلاقة.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012