أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


تونس .. نجاح مؤقت للثورة المضادة
26-01-2012 08:16 AM
كل الاردن -


alt

  ناهض حتر


في الذكرى الأولى للثورة التونسية, كان وزراء في الحكومة الثورية يجتمعون في قفصة, حين أحرق بوعزيزي ثان نفسه احتجاجا على رفضهم الاستماع إلى شكواه. ما يزال الشباب يحرقون أجسادهم الغضة في تونس يأسا من إمكانية التخلّص من الفقر والبطالة والتهميش, بل ويأسا من تغيير الأسلوب الحكومي المعادي للشعب الكادح.

ما تزال حكومة حزب النهضة الإسلامي حديثة العهد, ولا يمكننا بالتالي أن نطلب منها تحقيق معجزات تنموية, لكن يمكن لوزرائها وكوادرها أن يقدموا نموذجا جديدا في التعامل الديموقراطي مع الكادحين, هؤلاء الذين منحوا أصواتهم الانتخابية للحزب, لكنهم سرعان ما اكتشفوا أنهم مجرّد خزّان أصوات لا غير.

بعد عام وعامين وثلاثة, سيظل البوعزيزي عنوانا للقهر الاجتماعي نفسه. فراعي "النهضة", الشيخ راشد الغنوشي, أعلنها في الولايات المتحدة صريحة: لا مساس بالنهج الاقتصادي لبن علي ومصالح الشركات الأجنبية ووكلائها المحليين. وطالما أن الفقر لا يهبط من السماء ولا هو نتاج حظ عاثر, بل نتيجة حتمية للرأسمالية النيوليبرالية ¯ الكمبرادورية, فإن استمرارها يعني استمرارية الفقر. وللدقة: الإفقار.

الموديل الإقتصادي القائم على الخصخصة و تشجيع الاستثمار الأجنبي وتقديم التسهيلات والتخفيضات الضريبية وتفويضات الأراضي لرجال الأعمال, والخضوع لمتطلباتهم في تحقيق أقصى الربحية على حساب الضرورات التنموية والاجتماعية, هذا هو الموديل الذي يضمنه الغنوشي, بعد بن علي, و محوره تحويل الموارد لخدمة الأقلية الرأسمالية التي توجه الاستثمارات نحو قطاعات غير مولّدة لفرص العمل اللازمة, ولكنها القطاعات الأكثر ربحية في البلدان التابعة, أي قطاعات المال والعقارات والاتصالات والتعدين, بينما قطاعات التشغيل هي القطاعات الصناعية والزراعية والحرفية المرتكزة إلى الملكية التعاونية والمشروعات المتوسطة والصغيرة في المحافظات.

عاشت الثورة! فمن نتائجها المباركة أن الكمبرادوريين التوانسة أطلقوا لحاهم, تاركين ماضيهم مع الحزب الحاكم المنهار ( الحزب الدستوري) ومنتسبين, أفرادا وجماعات, إلى الحزب الحاكم الجديد ( حزب النهضة) !

وبينما تشبّه رجال المال والأعمال بالغنوشي, وأصبحوا, فجأة, مؤمنين ( ولم لا? إذا كانوا مطمئنين على مصالحهم وامتيازاتهم), تشبّه الغنوشي بين عليّ, وعيّن صهره وزيرا للخارجية. والمخفي أعظم!

وإذا اضفنا إلى ذلك ما أصبح معروفا من الغزل الظاهر والباطن بين الغنوشي والحلف الأمريكي ¯ الإسرائيلي, وتنكّره العلني لفلسطين وقضيتها, يحق لنا أن نتساءل: ما الذي تغيّر فعلا في تونس? الذي تغيّر هو أن جناحا محافظا متأمركا مرتبطا بالخليج من البرجوازية الكمبرادورية, ورث الحكم من جناحها العلماني الذي يقع بين الولائين الأوروبي والأمريكي. ونقطة!

من حسن الحظ أن القوى الشعبية ( اليسارية والقومية) في الثورة التونسية ما تزال حية, وما يزال ميزان القوى الداخلي يسمح لها بالتصدي للطبقة النيوليبرالية الكمبرادورية وسياسات التبعية للإمبريالية ووكلائها الإقليميين, بل إن الوطنية التونسية التي جرحتها التدخلات القَطرية الماسة بسيادة تونس, أصبحت تشكّل اليوم إطارا للمعارضة الشعبية المتصاعدة في مواجهة حزب اختطف الثورة بالدعم الأمريكي والأموال القَطرية والفضائيات المدارة من مكتب في تل أبيب.

ynoon1@yahoo.com

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-01-2012 10:53 AM

((ما تزال حكومة حزب النهضة الإسلامي حديثة العهد, ولا يمكننا بالتالي أن نطلب منها تحقيق معجزات تنموية+لكنهم سرعان ما اكتشفوا أنهم مجرّد خزّان أصوات لا غير+فراعي "النهضة", الشيخ راشد الغنوشي, أعلنها في الولايات المتحدة صريحة: لا مساس بالنهج الاقتصادي لبن علي ومصالح الشركات الأجنبية ووكلائها المحليين+فمن نتائجها المباركة أن الكمبرادوريين التوانسة أطلقوا لحاهم(يعني الشعب التونسي ستمر عليه هذا الأمر؟؟!!)+وإذا اضفنا إلى ذلك ما أصبح معروفا من الغزل الظاهر والباطن بين الغنوشي والحلف الأمريكي ¯ الإسرائيلي+))..وبالتالي..((من حسن الحظ أن القوى الشعبية ( اليسارية والقومية) في الثورة التونسية ما تزال حية))؟؟؟!!!....التعليق...لا تعليق

2) تعليق بواسطة :
26-01-2012 02:03 PM

سنه اولى ثوره ليست كافيه لحكم على الامور ولكن حيوية الشعب التونسي وتعدديته كفيل بتصحيح المسار ويمكن ان نقول مع كل الاحباطات (الان افضل مما كان )

3) تعليق بواسطة :
26-01-2012 03:22 PM

االى التعليق رقم 1 الشعب هو الذي سيقول كلمته سواء لليسار او لليمين وانني اتابع تعليقاتك التي لا تقبل بها وتنتقدها والنقد ظاهره صحيه عندما يكون القصد منها التنبيه وتصحيح الخطاء اما الانتقاد والهجوم لانه ليس على خطك ونهجك فهذا تهجم وخاصه على مقالات الاستاذ ناهض حتر

4) تعليق بواسطة :
26-01-2012 08:00 PM

الى محمد السكران . الغريب انك يا محمد وضعت نفسك فقط لمناكفة الكاتب ناهض حتر . الرجل يكتب وجهة نظر في الامور المطروحة على الساحة .ارجو ان تتحفنا بجهات نظرك وآراؤك ولاتيليق بك ان تناكف فقط .

5) تعليق بواسطة :
26-01-2012 09:17 PM

با أستاذ ناهض نحن كعرب تاريخيآ نثور على الثورات بثورات مضاده فيصبح أسيادكم في الجاهليه اسيادكم في الاسلام

6) تعليق بواسطة :
27-01-2012 11:30 AM

*-تحية طيبة
*-اسمي محمد السكر العدوان
*-تعليقاتي فيها رأيي ووجهة نظري ولو كنت متابعاً لها ما طالبتني اياها
*-المناكفة السلبية لغة الجهل ومضغة الشر وعدو العلم ان ترافقت مع اسلوب احدهم ذهبت به لنواحي النقد المفند المعري..اما مناكفة الإيجاب (منطق بمنطق) فيها من تساؤلات العقل وحق المعرفة ما يلزم وهو امر محمود مقبول
*-السيد ناهض حتر شخصية لها وجهة نظر وتاريخ نضالي معروف فخذ !!مناكفتنا!!له من باب الحرص لا من باب الكره لا قدر الله او الموقف المسبق
*-لو كنت متابعاً لي لوجد تعليقاتي على اغلب الكتاب وليس فقط الكاتب السيد ناهض...

7) تعليق بواسطة :
27-01-2012 12:42 PM

ناهض حتر من اشرف واحرص الكتاب الاردنييين

8) تعليق بواسطة :
27-01-2012 02:46 PM

لسة مقتنعين باليسارين والعلمانيين
طيب انتو حكمتوا الف سنين شو عملتو
لما كانت هناك انتخابات نزيهة فاز الاسلامين في تونس , مصر , المغرب
ولسة بتحكو يساريين انتو شو عملتوا اشي واحد
وانتو هل بقي لكم مؤيدين سوء المئات

9) تعليق بواسطة :
27-01-2012 07:59 PM

أخي العزيز .... أنا أبحث دائماً عن تعليقاتك والتي دائماً أفضل من المقال الموجود ..... لكل شخص له علاقاته المشبوهه أتباع من موظفين أو أصحاب جلسات " الكيف " فأرجو منك عدم الإكتراث بهم أو تعليقاتهم ضد شخصك الكريم وأرجو منك عدم الرد عليهم .... وشكراً

10) تعليق بواسطة :
27-01-2012 10:31 PM

انت افضل من يعلق على اي موضوع باسلوب راقي وتحليل منطقي وبكل ادب واخلاق .بارك الله بك وبأمثالك..الاستاذ حتر .اعتقد الجماعة لم تسخن مقاعدهم بعد والوقت ما زال مبكرا .فالانتقاد هنا ليس به من العدل بشئ وانت الكاتب الذي يحترم .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012