أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


الفساد المسكوت عنه

بقلم : عمر عليمات
16-12-2019 01:48 AM

الجميع في الأردن بلا استثناء يطالبون بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، والكل يتحدث عن القضايا المالية والمشاريع والمؤسسات المنهوبة، والملايين التي تسربت خارج البلد، إلا أنه لا أحد يلتفت إلى أخطر أنواع الفساد الذي يشكل تدميراً فعلياً للمجتمع بأسره، وهو فساد الأخلاق المتعلق بالرشاوى الجنسية.
الإصدار العاشر من مقياس الفساد العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وسمال أفريقيا يوفر مجموعة متكاملة من البيانات التي تعكس آراء الناس عن الفساد وتجاربهم مع مختلف أنواعه، وفي هذا الإصدار يسلط المقياس للمرة الأولى الضوء على البيانات المتعلقة بالرشوة الجنسية، والتي أظهرت أن 13 % من المستطلعة آراؤهم تعرضوا لتجربة الرشوة الجنسية أو يعرفون شخصاً تعرض لها.
وبرغم أهمية الأرقام التي تضمنها التقرير حول آراء الناس بخصوص الفساد، حيث أشار المقياس إلى أن 55 % يرون أن الفساد برز في عام 2018، و25 % استخدموا الواسطة، و26 % عرضت عليهم رشاوى مقابل شراء أصواتهم الانتخابية، إلا أن ما يعتبر أكثر أهمية في هذا التقرير هو الابتزاز الجنسي الموجه بشكل خاص إلى النساء.
الرشاوى الجنسية والابتزاز الجنسي خطران لا يتوقف ضررهما عند سرقة المال العام وإعطاء مَن لا يستحق حق غيره من المواطنين، بل يتعدى ذلك لضرب أساس المجتمع وهو المرأة، فهذا الأساس هو الركيزة الرئيسية التي تقوم عليها المجتمعات.
آليات مكافحة الفساد ومحاربته آليات جامدة تتعامل مع الأرقام لتتبع شبهات الفساد وتحويلها إلى الجهات المعنية لإحالتها للمحاكم، إلا أن الابتزاز والرشاوى الجنسية عادة ما تكون أقرب إلى عمل الأشباح، فلا مشتكية ولا شاهد ولا ملفات ولا أوراق رسمية تثبت الجريمة، خاصة في ظل العادات والتقاليد التي تحمّل الضحية مسؤولية الفعل الواقع عليها من فاسد أخلاقياً، فالتهمة جاهزة وهي أنها لو لم تعطه إشارة لما تجرأ على هذا الطلب.
الفساد الأخلاقي هو الأخطر، لأنه يفتك بالمجتمعات، لذا لا بُد من وضع آليات تحفز النساء على التقدم ببلاغات لجهات معينة، بشكل يحفظ كرامتهن ويوفر لهن الغطاء القانوني الذي يمنع تسريب أي معلومات عنهن، منعاً لأي عواقب اجتماعية قد تتعرض لها هؤلاء النساء.
لم نكن نعرف أكثر من الواسطة وكنا نعتبرها فساداً مقبولاً، ثم تطور الأمر إلى الرشاوى التي تنخر في مؤسسات عديدة، فمعاملات لا تسير بشكل طبيعي بلا رشاوى لبعض موظفين صغار، ثم انتقلنا إلى فساد الحيتان.
باختصار المتضرر الأول منه هو المرأة، فهل يبقى الحال على ما هو عليه، وندفن رؤوسنا في الرمال، أم نواجه هذا الفساد بما يتلاءم معه ومع حساسية طبيعته؟.
' الدستور '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012