أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


استنزاف النسق السياسي السوري للأحتفاظ بخصم اقليمي ضعيف

بقلم : المحامي محمد احمد الروسان
01-07-2012 09:27 AM


*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*


لا يختلف اثنان عاقلان وبعد مضي سبعة عشر شهراً، من الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، وما نتج عنه من خسائر جمّة لجهة الشق الديمغرافي – الأنسان السوري ومقدرات الدولة السورية المختلفة واضعافها، على أنّ العنف والعنف المضاد في سورية، قد تم الإعداد له مسبقا من قبل أجهزة الأستخبارات الغربية والأمريكية، ومجتمع المخابرات الصهيوني وأدواته في الداخل الغربي والأمريكي، وبعض دواخل بعض الساحات العربية، والتي لديها الأستعداد للقبول بتنفيذ مثل هكذا رؤى سياسية دموية، لعقد نفسية عديدة لموردها البشري المتحكم والحاكم وما يترافق مع مركبات نقص متعددة له.

وكلّ ذلك قبل انطلاق فعاليات ومفاعيل ما سمّي بالربيع العربي - جدلاً، والذي قد يكون فاجأ (المطابخ) الضيقة والمحصورة جداً، بأشخاص محددين في تلك الأجهزة والمشكلة بطريقة عنقودية عنكبوتية، في تشكيل الفرق التفكيرية الخاصة بتلك الهياكل الأستخبارية، بحيث لا يعلم 'حسام' عن وجود 'وسام'، ولا الأخير عن الأول، ولا كلاهما عن 'عبدالله' وفيصل ومجموعته وهكذا. هذا وقد ظهر وبان جليّاً زيف 'التطلعات الديمقراطية وحقوق الأنسان' في مواجهة الذبح بدم بارد مأفون، واسالة حمّامات من الدم الطائفي الأثني العرقي هناك، والتي كانت نتاجات تفكير تلك 'المطابخ' الموجّهه.

إن رسالة المسؤولين وواضعي السياسات الأميركيين والغربيين النهائية، للفدرالية الروسية بوجود الرئيس فلادمير بوتين، من أجل البدء في تغيير النظام والنسق السياسي في سورية هي بشكل أساسي: سوف يستمر تصاعد العنف بقوة حتى إنجاز تغيير النظام والنسق السياسي السوري - يمكن لروسيا أن تستسلم الآن، ويكون لها رأي في كيفية حدوث التحول، أو الاستسلام في وقت لاحق وستعاني عندها التهميش كما كان الحال في ليبيا المحتلة.
مقابل ذلك كان الجواب الأستراتيجي للفدرالية الروسية، كرسائل رأسية وأفقية عنيفة بالمعنى الدبلوماسي وتؤسس لشيء ما في الكواليس، بأنّ شكل العالم الجديد تحدده التسوية السياسية الشاملة في سورية!
ولا يخفي سراً على أحد، أن ما تسمّى 'مسؤولية الحماية' الإنسانية وحقوق الأنسان بحدها الأدنى، ليست سوى ذريعة لتغيير النسق السياسي في سورية ومنذ فترة طويلة، تموضعت هذه الصورة عبر مقاربة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لإسقاط الحكومة السورية والنسق الخاص المنتج لها، وحالة تصوراتها وحلفائها الواقعية لتحقيق ذلك هي مسألة أراء مختلفة في جلسات عصف ذهني عميقة.
وما لا يعتبر رأياً بل هو حقيقة كالشمس في رابعة نهار العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي ورابعات نهارات عواصم من تحالف معها من الغرب والعربان، أن الولايات المتحدة الأمريكية ومحورها، قد تآمرت علنا من أجل 'استنزاف' سورية حتى الموت أو إلى الحد الذي يمنع استمرار دورها ونفوذها الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط، أو من أجل التعجيل في نهاية المطاف بسقوط الحكومة أي حكومة، تمهيداً لأسقاط النسق السياسي وليس شخص الرئيس الأسد.
فالبديل هو تركيز الجهود الدبلوماسية أولاً، على كيفية وضع حد للعنف وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية، كما يجري القيام به تحت قيادة انان، وهذا من شأنه أن يقود إلى خلق ملاذات آمنة وممرات إنسانية، والذي يجب أن يكون بدعم من قوة عسكرية محدودة، وهذا بالطبع من شأنه الحفاظ على الرئيس الأسد في السلطة وعدم تحقيق كلي لأهداف الولايات المتحدة وحلفائها في سورية وبشكل مؤقت، لكنّها البداية التي تؤسس للحظة التاريخية من الزاوية الأمريكية ازاء سورية والقضاء على نسقها بعد التدرج بالأضعاف، وصولاً الى الأسقاط الشامل للدولة السورية، تماماً كما حدث مع العراق ونسقه السياسي.

يرى بعض الخبراء الدوليين المتابعين للشأن السوري، أنّه ربما لا تزال الولايات المتحدة مستمرة بتسليح المعارضة حتى مع علمها أنه من غير المحتمل أبدً أن تشكل قوة كافية لوحدها لإزاحة سلطة الأسد والنسق السياسي هناك، ومع ذلك تقوم العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، في الأختيار أن تفعل ذلك ببساطة بناء على الاعتقاد، بأن القيام بتوفير بعض الدعم للشعب المضطهد لمساعدته على مقاومة مضطهديه، هو أفضل من عدم القيام بأي شيء على الإطلاق، حتى لو كان الدعم المقدم لديه فرصة ضئيلة لتحويل الهزيمة إلى انتصار.

وبدلا من ذلك، قد تعتقد الولايات المتحدة ومن تحالف معها، أنه لا يزال من المفيد وضع أيديهم على نظام الأسد ونسقه السياسي واستنزافه، والاحتفاظ بخصم إقليمي ضعيف، مع تجنب تكاليف التدخل المباشر'.

وأحسب أنّه بالنسبة لأولئك المخدوعين باللهجة الخطابية 'الإنسانية' التي يوظفها الغرب كدوافع مزعومة لتبرير تورطه في سورية، فمن الواضح أنه من غير المعقول إدامة تصعيد العنف والعنف المضاد، وخاصة العنف الطائفي الوحشي الذي تكشّف الآن وظهر باعتراف الجميع في العالم، ومن أجل ماذا؟ وذلك ببساطة للحفاظ على 'عدو إقليمي ضعيف'!، و بناء على هذا فمن غير المقبول أخلاقياً، أن يقوم الغرب بالتفاوض مع الفدرالية الروسية للوصول إلى 'مرحلة انتقالية' في سورية.

ويعتقد الغرب وأمريكا وبعض قيادات العربان المريضين نفسياً، أنه من خلال استمرار سفك الدماء ومن خلال التلاعب بالتصور العام على أنه 'من فعل الحكومة السورية' ونسقها السياسي المنتج لها، 'بالتغطية والدعم' من قبل الروس والصينيين، والإيرانيين، فإنه من 'المعيب' بالنسبة لمعارضي حملتهم لزعزعة الاستقرار قيامهم بدعم هذه الجريمة المستمرة ضد السلام العالمي.
ومع ذلك، فالدعاية الغربية تتداعى في مواجهة وسائل الإعلام البديلة، بالإضافة إلى ذلك فالجمهور بشكل عام، يشعر بالقلق من حرب لا نهاية لها، ويعبر عن شكوكه على نحو متزايد بشأن دوافع الغرب وتورطه في ما يخص سورية، والإشارة الواضحة إلى أن هناك على ما يبدو فظائع مدبرة من قبل الغرب في مجزرة 'الحولة' والقبير وغيرهما في سورية لا توجد إلا في مقالات الرأي في الصحافة الغربية، ولا تمتد إلى أبعد من ذلك- ولا حتى مربعات التعليقات عليها أدناه، وبعبارة أخرى موجودة فقط في الصحف التي لا ولم ولن يشترها أحد.

عودة الى الماضي لأخذ العبر منه لأستحضار الحاضر واستشراف المستقبل، بل نستولوجيات المستقبل ذاته، ففي عام 1939 وقع أودلف هتلر ميثاق عدم اعتداء مع روسيا مع أنه لم يكن ينوي الوفاء، حتى اليوم الذي غزا فيه هتلر روسيا في عام 1941، فقد نفى نواياه لاجتياح كامل الأرض وصولا إلى موسكو، زاعما أن اصطفاف القوات على حدود روسيا هو 'لحمايتها من القصف البريطاني'، اليوم قد تتكرر الصورة، نحن نرى حلف شمال الأطلسي يلعب ذات اللعبة مع الدرع الصاروخية الأوروبية في طريقه للوصول إلى 'إيران'، بينما يعمل على تقويض وغزو كل حليف لروسيا واحدا تلو الآخر، اللامبالاة والتواطؤ الضمني مع الحروب العدوانية قد يبدو 'سهل'، ويستمر حتى إدراك الثمن الذي دفعه الألمان في نهاية المطاف عندما انقلبت حظوظهم في النهاية.
نعم وبوضوح تام ما سوف تقرر روسيا الفدرالية أن تفعله مع سوريا، سيحدد شكل ميدان المعركة التي على أساسها سيقاتلون عندما يضطرون حتميا لمواجهة زحف مكائد وول ستريت ولندن.

لا يمكن الاعتقاد ولو حتى بفكرة واحدة خاطئة بأنه، من خلال استرضاء الغرب لروسيا الفدرالية بالتخلي عن سوريا، كما حدث مع ليبيا، سيمكن بطريقة أو بأخرى كبح جماح طموحات الهيمنة التي تسير هذه الأجندة في المقام الأول، تماماً مثل إنكار هتلر لنيته غزو روسيا حتى اليوم الذي غزا فيه فعليا، فإن وول ستريت ولندن تعتزمان الذهاب حتى نهاية المسار وصولا إلى موسكو وبكين، برغم العدد اللا محدود من الأعذار وعمليات النفي التي يقدمونها على طول المسار، وعمليات النفي والأعذار التي سوف يتواصل تقديمها حتى اليوم الذي تبدأ فيه القوات الغربية وعملاؤها فعليا بخلخلة روسيا والصين على حد سواء.
بشكل مماثل تواجه الصين التطويق والاحتواء، من خلال التصريحات العلنية للبنتاغون (وزارة الحرب الأمريكية) عن تحول اهتمامه وأساطيله باتجاه المحيط الهادي، فعندما يحاول وزير الدفاع ليون بانيتا 'تبديد' المخاوف من أن الولايات المتحدة ترتب قواتها لمواجهة الصين، فكلمته أقل مصداقية مما يناقضها من كلمات ما يقرب من عشرين عاما من أوراق سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تصف احتواء وانهيار الصين بواسطة هذه الطريقة فعليا من أجل فرض هيمنة الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادئ.
يؤكد بعض الخبراء أنّ المواجهة ستحدث عاجلا أو آجلا، وبالنسبة لأولئك المندهشين من صمت العالم ولا مبالاته لهذا الحد في مواجهة النازيين، والتهديد الواضح للسلام العالمي عند تأمل أحداث الماضي، فإننا نحصل اليوم على مقعد في الصف الأمامي بينما وول ستريت ولندن، وأولئك الدائرون في فلكهم من الغرب وبعض العربان، ينتهكون تدريجيا السيادة والمصير لدولة بعد دولة، وبمساعدة جزء من سكان تلك الدول باللامبالاة والجهل الغير محدودين على ما يبدو، ومثل ألمانيا، سيكون على هؤلاء السكان (شعوب الغرب الامبريالي) أن يدفعوا الثمن في نهاية المطاف نتيجة للتهاون والتراخي في مواجهة طموحات الهيمنة المتهورة لحكوماتهم.

www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003@yahoo.com


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012