أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


محمود الجوهري.. "حدوتة" مصرية بدأت فصولها في القاهرة وانتهت في عمان

04-09-2012 12:43 AM
كل الاردن -
بحزن ولوعة، ودّعت الكرة الأردنية والمصرية والعربية والآسيوية والافريقية الكابتن والخبير العربي الكبير محمود الجوهري الذي لبى نداء ربه أمس في عمان وسط عائلته وأسرته الأردنية الكبيرة عن عمر يناهز 74 بعدما داهمته جلطة دماغية صاحبها نزيف حاد في الدماغ يوم الجمعة الماضي.
وبرحيل فارس الكرة المصرية وجنرال الكرة العربية، الكابتن الجوهري، فقدت الكرة العربية واحدا من أبرز رموزها الكروية والذي تفرد عن غيره من المدربين العرب بقدرته على التواصل والتغيير في كل المناصب التي تولاها، سواء أكان ذلك على صعيد الأندية في الشقيقة مصر أم على صعيد المنتخب المصري أم منتخبنا الوطني الذي حقق تحت إشرافه أكبر الإنجازات.
وشكل رحيل الكابتن الجوهري صدمة لعشاق الكرة المستديرة، وأعرب عدد كبير من المسؤولين في الأردن وفي مصر وفي الوطن العربي والمدربين واللاعبين السابقين عن حزنهم العميق لرحيل الجوهري الذي شكل مدرسة مستقلة بل متفردة في علم التدريب تتلمذ على يديها أعظم المدربين العرب.
وبلا شك أن للكابتن الجوهري وقع خاص في قلب كل أردني سواء أكان لاعبا أم مدربا أم مشجعا ضمن عشاق الكرة الأردنية. فما حققه مع منتخبنا الوطني منذ سنوات والأساس المتين الذي بنى عليه أركانها اكبر بكثير من أن تمحوها الأيام خاصة، وأنها تعطرت بالمشاعر الإنسانية مع اللاعبين والجماهير شقاء وبهجة، وبصور لن تمحى، وستظل خالدة. فقبل أيام هاتفته ابنته لتزف له بشرى قدوم حفيدته الجديدة إلى الدنيا وطلبت منه العودة إلى القاهرة لرؤيتها، فما كان منه بحنان الأب إلا أنه اخبرها أنه مشغول ذهنيا بلقاء منتخبنا الوطني مع أستراليا بتصفيات كاس العالم، إلا ان القدر لم يحقق له ما اراد. وفي ما يلي أبرز المحطات التي عاشها الجوهري لاعبا ومدربا في مصر والأردن والتي نصبته هرما من أهرام مصر الخالدة في عالم التدريب وفنونه>


رحلته مع الكرة الأردنية
وكان الكابتن محمود الجوهري قد بدأ عمله مع الكرة الأردنية عام 2002 حينما تم التعاقد معه كمدير فني للمنتخب الوطني والذي قاده لإنجازات تاريخية أبرزها كاس العرب في الكويت، حيث حل المنتخب الوطني في المركز الثالث وقيادة المنتخب الأردني لنهائيات كاس آسيا والتي أقيمت في الصين عام 2004 لأول مرة بتاريخ، ومنحه جلالة الملك عبد الله بن الحسين وسام العطاء تقديرا واعتزازا بما أنجزه وقدمه لشباب الوطن ولكرة الأردنية. وقاد الجوهري المنتخب الوطني لاحتلال المركز الثاني ببطولة غرب آسيا وغيرها من المشاركات بتصفيات كاس العالم والبطولات الدولية والعربية.
ومنذ عام 2008 عين الكابتن مستشارا لسمو رئيس الهيئة التنفيذية لاتحاد الأردني لكرة القدم وكلف بالإشراف الكامل على ملف المنتخبات الوطنية لمختلف الفئات العمرية وللجنسين وبفضل تخطيطه وبرامجه التدريبية وإشرافه المباشر على إعداد المنتخبات. فقد حققت المنتخبات الأردنية العديد من الإنجازات من أهمها بلوغ المنتخب الوطني للشباب نهائيات كاس العالم والتي أقيمت في كندا وبلوغ منتخبات الشباب والناشئين لنهائيات كاس آسيا بانتظام إلى جانب فوز المنتخب النسوي بكاس العرب وببطولات غرب آسيا وكذلك إشراف الكابتن الجوهري على مراكز الأمير علي للواعدين والموهوبين والتي قدمت للمنتخبات الوطنية والأندية الأردنية العديد من ابرز النجوم.

حدوتة مصرية
أقل ما يمكن أن يُوصف به محمود نصير الجوهري، الذي انتقل إلى جوار ربه، أنه 'حدوتة' الكرة المصرية، كتاب دونت فيه الكرة المصرية أفراحها وأتراحها منذ اقترن اسمه بها قبل نصف قرن من الزمان.
عرف الجوهري كرة القدم في سن مبكِّرة مع أترابه في ضاحية حلوان جنوب القاهرة، ولفتت موهبته المبكِّرة الأنظار واهتمّ به أساتذته في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وكان أبرز لاعبي فريق مدرسته إلى أن اصطحبه أحد أساتذته إلى النادي الأهلي أواخر الأربعينيات، وانضمَّ إلى صفوفه وعمره دون السابعة عشرة، ليبدأ رحلته مع الكرة والشهرة والتاريخ، وبفضل موهبته بات الجوهري واحداً من التشكيلة الأساسية للأهلي رغم وجود عناصر يصفها التاريخ الكروي المصري بالعمالقة مثل أحمد مكاوي وصالح سليم.
وفي زمن قصير بزغ نجم الجوهري، الذي تخرَّج في الكلية الحربية ضابطاً منتصف الخمسينيات، وانضمّ إلى المنتخب المصري في أوّل بطولة لكأس الأمم الإفريقية، وكان هدّاف البطولة الثانية عام 57 برصيد ثلاثة أهداف، واستمرّ تألُّق الجوهري. لكن الإصابة التي لحقت به مبكّراً حالت دون استمراره، رغم أنه سافر إلى النمسا للعلاج. وكان أوّل لاعب مصري يُعالج في الخارج ليعتزل اللعب أوائل الستينيات، ويشجعه اللواء علي زيوار مدير الكرة السابق في الأهلي وقائده في الجيش المصري على الانخراط في عالم التدريب الذي سرعان ما اثبت تفوُّقه فيه ليجد في التدريب العوض عن اللعب ويحقِّق فيه ما لم يكمله في اللعب من نجومية.
وشقَّ الجوهري طريقه مبكّراً في عالم التدريب، وبعد سنوات قليلة من العمل في مصر سافر إلى السعودية للعمل في نادي الاتّحاد لعدة سنوات، عاد بعدها إلى مصر مطلع الثمانينيات ليتولّى تدريب الفريق الأوَّل في النادي الأهلي ويحقِّق معه الفوز بعدد من البطولات المحلِّية توَّجها بالفوز ببطولة كأس أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 83.
وتواصلت مسيرة الجوهري مع النجاح، وتولَّى تدريب المنتخب المصري العام 88، وبدأ رسم خطة العودة للمونديال بعد غياب استمرّ 56 عاماً، حيث نجح الجوهري في تحقيق الحلم للكرة المصرية وتحوَّل إلى بطل قومي تهتف الجماهير باسمه قبل اللاعبين.
لكن مسيرة الجوهري لم تخلُ من محطات الإخفاق، فبعد العودة من المونديال بدأ المنتخب المصري الاستعداد لتصفيات كأس الأمم الأفريقية ولعب مع اليونان وخسر 1-6 فأقيل من منصبه بعدها، لكنه سرعان ما عاد بقرار رئاسي، وكان في طريقه لتدريب النادي المصري البورسعيدي، لكنه عاد إلى تدريب المنتخب للمرّة الثانية وقاده إلى الفوز بكأس العرب عام 92 في سورية، بعدما تغلَّب على المنتخب السعودي في ختام البطولة 3-2 وهي المرَّة الأولى والوحيدة التي فاز فيها المنتخب المصري باللقب العربي.
وبسبب حجر ألقى به أحد المتفرِّجين على الألماني فابيتش مدرِّب زيمبابوي في ملعب القاهرة عام 93 ضمن تصفيات كأس العالم، أمر الاتحاد الدولي بإعادة المباراة وخوضها على ملعب محايد وتحديداً في فرنسا ليتعادل الفريقان سلباً وتخرج مصر من التصفيات ويترك الجوهري المنتخب.
لكنه عاد للمرَّة الثالثة عام 98 ليقود المنتخب المصري إلى تحقيق إنجاز كبير بعد رحلة عمل قضاها مع نادي الوحدة الإماراتي ومنتخب عُمان وكان المدرِّب العربي وربما العالمي الوحيد الذي قاد فريقين في تصفيات كأس العالم 98 هما سلطنة عمان ومصر، ولم يترك العام 98 يمرّ من دون أن يحقِّق فيه إنجازاً كبيراً يعيده إلى القمَّة من جديد، وتحقَّق له ما أراد بفوزه بكأس الأمم الأفريقية، التي استضافتها بوركينا فاسو ولم يمضِ العام قبل أن يختاره الاتحاد الدولي ضمن أفضل 20 مدرِّباً في العالم.
لكن العام 99 شهد انتكاسة لم يكن يتوقَّعها أكثر المتشائمين، ففي بطولة العالم للقارات مُني المنتخب المصري بخسارة ثقيلة أمام شقيقه السعودي 1-5 ليُقال الجوهري من منصبه، بعد أن حمّلته الجماهير مسؤولية ما حدث، فاحتجب عن الأنظار حتى عاد ليقود المنتخب المصري من جديد في تصفيات كأس العالم 2002، لكن التوفيق لم يحالفه فتعرَّض لحملة إعلامية عنيفة طالبته باعتزال التدريب.
ويبقى للجوهري أنه المدرِّب الأفريقي الوحيد الذي فاز بكأس الأمم الأفريقية لاعباً ومدرِّباً عامي 57 و98، وقاد الزمالك المنافس التقليدي لناديه الأهلي للفوز بكأس أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 93 وكأس السوبر الأفريقي عام 94.

المدربون العرب يرثون الجوهري
وأجمع خبراء كرة القدم العربية والأردنية على أن رحيل الكابتن محمود الجوهري شكل خسارة كبيرة للكرة العربية وللكرة المصرية والأردنية.
وقال العراقي عادل يوسف المدير الفني لفريق الرمثا: بالتأكيد رحيل الجوهري يشكل خسارة لكرة القدم العربية، وهو أحد المدربين الذين قدموا للكرة العربية الكثير من حكايات المجد والإنجاز'.
وأضاف يوسف: زاملت الجوهري في دورات تدريبية في عقد الثمانينات، وقد كان رحمه الله مجتهدا وعاشقا لعمله، وكنت قريبا منه حينما كنت مديرا فنيا لفريق الوحدات، حيث كنا على اتصال دائم للتنسيق بخصوص لاعبي الوحدات المنضمين للمنتخب.
وتابع يوسف: برحيل الجوهري افتقدنا علما من أعلام التدريب العربي، فلقد كان رحمه الله شخصا متعاونا واللاعبون كانوا يحبونه جدا نظرا لحسن تعامله معهم.
وقال الكابتن مظهر السعيد المدير الفني السابق للفيصلي: لقد قدم الجوهري الكثير لكرة القدم الأردنية، وحقق نتائج متميزة مع المنتخب الوطني وقاده لنهائيات كأس آسيا، وبعد ذلك قام بصناعة أجيال جديدة رفدت المنتخبات الوطنية.
وأردف السعيد: لقد كان الجوهري طيبا ومخلصا لعمله، ومتواضعا، وهو ما جعله محبوبا لدى كثير من الناس، رحمه الله'.
بدوره قال عيسى الترك المدير الفني لفريق الجزيرة : لقد عملت مع الجوهري حينما تسلم دفة القيادة الفنية للمنتخب، وعدّه أحد أهرام مصر، هو إنسان طيب، مثقف، يمتلك فكر احترافي تدريبي عال.
وأوضح الترك: تلقيت نبأ وفاة الجوهري بحزن شديد، وكنت في قمة الحزن حينما أدخل الجمعة الماضي إلى المستشفى إثر جلطة دماغية، ودعونا له بالشفاء، لكن قدر الله وما شاء فعل، فهذه سنة الحياة، وسيبقى الجوهري باقياً في ذاكرتنا نظرا لما قدمه لكرة القدم الأردنية'.
من جهته قال نهاد صوقار المشرف الفني في الاتحاد القطري لكرة القدم: كان صديقا عزيزا وإنسانا بمعنى الكلمة. كان لديه من الحكمة الكثير، ولذلك كان الالتقاء به والعمل معه مثريا للغاية.
وعبر وليد فطافطة، المدير الفني لفريق شباب الخليل الفلسطيني، عن حزنه الشديد لرحيل الجوهري وأضاف: كنت متوجها لحضور مباراة هلال القدس وشباب الظاهرية، ولكن حينما وصلني نبأ وفاة الجوهري، عدت من منتصف الطريق متوجها إلى بيتي حزنا على رحيل الجوهري.

صدمة كبيرة
وقال عبد المنعم الحاج، رئيس لجنة المدربين السابق بالاتحاد المصري، إن رحيل الجوهري خسارة كبيرة لأنه أول من أكد أن انتماء المدرب يجب ان يكون للفريق الذي يدربه وليس للفريق الذي لعب له.
وأضاف الحاج: رغم أن الجوهري لعب للاهلي وقاده كمدرب إلى العديد من البطولات الإفريقية، إلا أنه أبدع عندما قاد الزمالك في بداية حقبة التسعينيات وقادة لتحقيق اكثر من بطولة.
وتولى الجوهري تدريب الزمالك عام 1993 وفاز معه بلقب كأس السوبر الإفريقية أمام غريمه الاهلي في جوهانسبرج عام 1994.
وأضاف الحاج: الجوهري فتح صفحة جديدة للكرة المصرية على المستوى العربي والافريقي، وكانت له لمسات إنسانية في معاملة اللاعبين.
وقال عادل هيكل، حارس الاهلي في الستينيات ورفيق الجوهري في الملاعب، إن رحيل الجوهري يشكل له صدمة كبيرة.
وأضاف: لقد أعلى (الجوهري) من شأن المدرب المصري على المستوى العربي وفتح الباب للمدربين المصريين ليثبتوا كفاءتهم.
وقال عمرو أبو المجد رئيس قطاع الناشئين بالأهلي سابقا ان الجوهري كان مدربا يتميز بالحماس في حب العمل الذي يؤديه كما أنه لا يعرف اليأس.
وأضاف ابو المجد: تميز باسلوب نفسي في التعامل مع اللاعبين، فكان يدفعهم دفعا إلى الابداع والإنجاز.
وعمل أبو المجد مع الجوهري ست سنوات في بداية حقبة السبعينيات عندما كان الجوهري يدرب فريق تحت 21 عاما في الأهلي والذي كان يضم نواة التشكيلة التي هيمنت على الألقاب المحلية في وقت لاحق وعرفت باسم فريق 'الامل'.
وأكد ابو المجد أن الجوهري كان له اسلوب مميز في التدريب يعتمد على القوة في الأداء والحماس، إضافة إلى الاعتماد على توظيف ذكاء اللاعب.
وأكد مصطفى رياض نجم الترسانة في حقبة السبعينيات ورئيس قطاع الناشئين بالترسانة أن الجوهري كان صاحب فكر تدريبي متميز.
وأضاف: الجوهري حطم عقدة المدرب الخواجة (الأجنبي) بعد ان نجح في قيادة منتخب مصر لنهائيات كأس العالم بايطاليا 1990.'
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012