أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


النظام السياسي القوي بحاجة إلى معارضة قوية

بقلم : د. رحيّل غرايبة
19-09-2012 11:58 PM
التغيير الحقيقي والإصلاح الحقيقي يبدأ بالمفاهيم التي تشكل الأرضية الثقافية والمرجعية القيمية لمنظومة الإصلاح المتكامل، التي تهيئ لإعادة بناء الدولة، وإعادة بناء النظام السياسي القوي الذي يقود عملية الاستقرار والازدهار القائم على أسس راسخة وجذور عميقة ضاربة في أوساط الجماهير.
النظام السياسي يستمد قوته الحقيقية من الشعب، عبر الشراكة الفعالة ومن خلال مؤسسية تحقق التنافس العادل والنزيه بين القوى السياسية والمكونات الاجتماعية التي تحتكم إلى صناديق الاقتراع، والاستفتاءات الشعبية الخالية من كل أشكال الاكراه، وأساليب التخويف، التي تزوّر ارادة المواطنين بالأدوات السلطوية الناعمة والخشنة.
لا يمكن أن يكون النظام السياسي قوّياً بهذا المفهوم، من دون وجود معارضة سياسية قوية، ترتكز على أسس راسخة وجذور شعبية عميقة، قادرة على ممارسة الرقابة الصارمة على أعمال السلطة، وهذا يقتضي أن تكون المعارضة منخرطة في جسم الدولة ومؤسساتها، ومتصلة بدوائر صنع القرار، ومطلعة على المجريات اليومية كافة التي تصرف شؤون أعمال وتدير الخدمة المطلوبة للمواطن، وتتمكن من الاطلاع على المعلومة والمعارضة القوية من خلال هذا الانخراط العملي في عملية بناء الدولة، تستطيع أن تكتسب الرؤية الفكرية الشاملة، وتستطيع أن تبلور البرامج البديلة لما هو قائم ومطبق.
فنحن أمام معضلة حقيقية مزدوجة، فأصحاب السلطة في عالمنا العربي لا ينظرون إلى أن المعارضة تملك الحق بالمشاركة والحضور القوي الفعال في مفاصل الدولة ومؤسساتها بل تعمل جاهدة على تطهير الدولة من حضور المعارضة ووجودها، وتعمل على اضعافها ومحاربتها، وإبعادها عن كل ما يتصل بدوائر صنع القرار أو التأثير به، وتسلط عليها وسائل الاعلام وجيش عرمرم من المتكسبين والخصوم الذين يفتقرون إلى الأسلوب العلمي والمنهج الموضوعي في إنصاف المعارضة والاعتراف لها بحقوق المواطنة بحدها الأدنى.
والجانب الآخر من المعضلة أن المعارضة استسلمت لهذا المفهوم، وسيطر عليها شعور الاغتراب عن الوطن، وغاب عنها مفهوم الدولة الشامل، فأسهمت في عزل نفسها رويداً رويداً، حتى تقلص أثرها، وغابت عن دائرة التأثير في صنع القرار، حتى استبد فيه الفاسدون، وأحكموا قبضتهم على مفاصل الدولة ومقدراتها، ورتعوا في المال العام، بلا حسيب ولا رقيب.
نحن بحاجة إلى تغيير مفهوم الدولة لدى أصحاب السلطة، وتغيير ثقافة المعارضة في الوقت ذاته، بحيث نتوافق جميعاً على ان الدولة لنا جميعاً، والشعب هو صاحب السيادة العليا، والسلطة والمعارضة كلاهما من الشعب وإلى الشعب، ويستمدا شرعيتهما من الشعب، وكلاهما يتحمل مسؤولية صنع القرار، وتبادل المسؤولية وتداول السلطة وفقاً لدستور توافقي وتشريعات توافقية صادرة عن مؤسسات دستورية تستمد شرعيتها من الشعب.
إن إضعاف المعارضة يؤدي حتماً إلى إضعاف النظام السياسي، وإضعاف الدولة وإضعاف السلطة، وإن الشعور بالقوة لدى السلطة عند تغييب المعارضة وتفريقها وإضعافها، ما هو إلاّ شعور مؤقت ولكنه سرعان ما يتبدد هذا السلوك على المدى البعيد ويوهن الجذور ويضعف الالتفاف الشعبي والجماهيري، ويؤدي إلى غياب الرقابة الشعبية وضعف المحاسبة المؤسسية الذي يغري الحكام بالاستبداد وممارسة السلطة المطلقة، الذي يؤدي بالنهاية إلى انعدام الاستقرار والشعور بعدم الأمان، ومن ثم الانهيار والزوال.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-09-2012 10:31 AM

هذا كلام في المبدأ صحيح المعارضه الوطنيه ضروريه قصوى لأي نضام سياسي ولاكنها كارثيه وطنيه إذا كانت شموليه وممولة من الخارج ومرتبطة إديولوجيآ ومنهجيآ بأجنده خارجيه ومشروع تخلفي رجعي وليس لها اي برنامج سياسسي إجتماعي إقتصادي تقدمي يرتقي بالمجتمع إلى المستوى الحضاري والثقافي التطوري ومعارضة إنتهازيه همها الإستحواذ على السلطه بأي ثمن كان كما هو الحال عند المعارضه الإسلاميه عندما كان يستقيل اعضأ من قياداتها من الحزب من اجل ان يصبحوا وزرأ او معارضه إقصائيه من يخالفها الرأي هو عدوها مستغلة العواطف الدينيه واماكن العباده للتاثير نفسيآ على المواطنيين . لا ابدآ هذه ليست المعارضه التى تحتاجها الأوطان .....!!!!

2) تعليق بواسطة :
20-09-2012 11:16 AM

اتمنى يا دكتور ان تقرأ المقال لناهض حتر بعنوان (الإنتصار للرمز القومي ) وان تسال نفسك بصدق وتجرد : اين يقف الإسلام السياسي الآن من قضايا الأمه !؟

3) تعليق بواسطة :
20-09-2012 10:19 PM

انا احترم الدكتور ولكن ليفتح صدره للرأي الاخر أتذكر يا دكتور أخا لك في المبدا السياسي وهو من إخوان الجزائر ( عباسي مدني ) وقد سمعته وهو يقول ايام العز إذ كان متأكدا من النصر في انتخابات الجزائر " الديموقراطية بالنسبة لنا. انها السلم الذي نصل به الى الحكم ثم نكسسسسسره. ". لا زلت اسمع وعود إخوانكم في مصر فقد وصلوا الى الحكم وهم يحضرون لكسر السلم , حرام على مثقف فاضل مثلك ان يساهم في استعمال الدين ليصل الى الحكم او ليوصل اؤلئك الذين سيأخذون ما قرونا اذا وصلوا الى الحكم وكسروا السلم .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012