أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


انفراج لمدة 12 ساعة لا غير

بقلم : ناهض حتر
13-10-2012 11:48 PM
عندما كُلّف الدكتور عبدالله النسور بتشكيل الحكومة، مساء الأربعاء، عمت أوساط الحراك الشعبي والفعاليات السياسية، موجة من التفاؤل؛ سببها الرئيسي ما كان أظهره النسور في البرلمان المنحل من روح معارضة وشجاعة أدبية. وعليه، فقد كان هنالك توقع ـ له منطقه ـ بأداء سياسي كفؤ للحكومة الجديدة، قادر على تجاوز الاحتقانات التي تخنق البلد. وبدأت تظهر، بالفعل، ميول نحو الانفراج، نقلتُ أجواءها، الخميس، في رسالة مفتوحة إلى الرئيس. ولكن الانفراج لم يدم سوى 12 ساعة لا غير، ثم انقلب إلى الضد في تسارع أشاع المزيد من الاحباط، ودفع حتى بمؤيدي العملية السياسية الانتخابية إلى إعادة الحسابات؛
فأولا، كانت المفاجأة غير السارة في التشكيلة الوزارية ، خصوصا لتكرار الوزراء العابرين للحكومات والمجموعة الاقتصادية. وقد تباهى النسور بأنه خفّض كمّ الوزراء ـ وكأنّ ذلك غاية الأمل ـ من دون أن يراعي النوعية والأداء والثقة الشعبية،
وثانيا، كانت تصريحات النسور الغامضة حول موقف حكومته من القرارات الاقتصادية المزمعة ضد الأغلبية الشعبية. فإذا كان من المفهوم أن أزمة المالية العامة تفرض سياسات مؤلمة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يدفع الفقراء الثمن؟ ولماذا تغيب عن حزمة الحل المالي، ضريبة الدخل التصاعدية واسترداد أموال الدولة إلخ ؟ بيد أن هذه ليست، بالنسبة لحكومة النسور، هي القضية، بل القضية أن لهذه الحكومة، موضوعيا وسياسيا، مهمة واحدة هي إجراء الانتخابات. وإذا كانت تريد أن تقرر توجها في حل الأزمة المالية منذ الآن، وقبل الانتخابات، فلماذا الانتخابات إذاً؟
من المفروض أن الانتخابات هي حقل تنافس بين اتجاهات وخيارات، الفائزون فيها يشكلون الحكومة ويقررون السياسات ، فإذا ما تقررت هذه مسبقا، نكون بإزاء عملية شكلية كليا، ولا تستحق العناء.
وثالثا، كان اعلان النسور الصريح بعدم الاقتراب من قضية معتقلي الحراك الشعبي؛ فهو تبرّأ من اتخاذ موقف أو الوعد بالعمل على حل هذه القضية التي تسمم الأجواء السياسية. فأية انتخابات حرة هذه التي يمكن أن تجري في ظل حرية الفاسدين واعتقال المناضلين؟
ورابعا، كان ذلك التزامن بين تشكيل الحكومة وإعلان واشنطن عن وجود قوات تابعة لها في شمالي البلاد، لها مهمات منتظرة في الأزمة السورية. فأين هو موقف الرئيس؟ ثم هل نذهب إلى الانتخابات أم إلى الحرب؟
وخامسا، كان ذلك الحوار المبكر والفاشل مع الإخوان المسلمين، دليلا على اتجاه ترسيخ الثنائية وتجاهل القوة الثالثة والتعالي على الحراك الشعبي. وهي سياسة قصيرة النظر، قد تأخذنا جميعا ـ جميعا ـ الى الاستقطاب الثنائي.
لقد وقفنا ـ وما نزال ـ إلى جانب التسجيل للانتخابات لأنها عملية وطنية، أما الانتخابات نفسها، فهي عملية سياسية، وتخضع، بالتالي، للمتغيرات السياسية، وأخشى أن الحكومة الجديدة التي فشلت في اقناع الإخوان بالمشاركة، سوف تنجح في دفع المزيد من القوى السياسية والشعبية إلى صف المقاطعة.
ينبغي أن يكون واضحا للجميع أن الإفراج عن شباب الحراك ووقف سياسة الاعتقال السياسي، ليسا مجرد مطلب وإنما شرط لا يمكن تجاوزه لإجراء انتخابات ذات صدقية، وتشكل منطلقا للتفاهمات الوطنية.

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012