أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


حزام أسود..جداً

بقلم : احمد حسن الزعبي
13-06-2013 12:43 AM
لم يكن أولاد حارتنا الفقراء يغارون منه وحسب، بل كانوا يكرهون مشيته المتعالية بين البيوت، وهو يرتدي بدلته البيضاء الفضفاضة التي يتوسطها حزام أصفر، ماضياً في طريقه صوب مركز اللياقة والتدريب، ولأن شعره الناعم الطويل كان يقرّبه من المواصفات الكورية، لم يكن يجرؤ أي منا على مواجهته أو استفزازه في حينها.
بصراحة سبب الغيرة وربما الكره لذلك الفتى الأنيق، حسد «طفولي» ليس إلا، فهو المقتدر الوحيد على دفع أقساط المركز الشهرية، بسبب وضعه المالي المرتاح، في الوقت الذي لم يكن يجرؤ أي منا أن يطلب من السلطة التنفيذية في البيت دفع ثمن «علكة شعراوي».
المهم مرّت الشهور وصديقنا المغرور -أبو التايكواندو- صار يبدل الأحزمة، فخلع الأصفر وتقلّد الأخضر لينفش صدره أكثر ويبدأ يمشي مرحاً مبعداً ذراعيه عن جسمه ‬20 سم، ثم بعد شهور خلع الأخضر ولبس الأحمر، وازداد غروره غروراً وأنفة، عندما خلع الأحمر وتقلّد الأزرق، وصار كلما مرّ بالحي يتنحنح كإشارة خفية منه إلى صبيان الحي أن يخلوا له الطريق، أو يكفّوا أرجلهم الممدودة أمامه، ولأن الفتى كان يدفع الأقساط على وقتها مضافاً إليها بعض الهدايا العينية للكابتن، لبس الحزام البني في وقت قياسي، وعندها رفع صدره للأمام، وأبعد ذراعيه عن جسمه نصف متر من اليمين، ونصف متر من الشمال، وبدأ يمشي بتثاقل وبطء أكثر من ذي قبل، ويرمق المارين والواقفين بنظرات احتقار واستصغار.
لكن «وهرة» الحزام البني لم تدم طويلاً، فقد وقعت مشاجرة بين صديقنا صاحب الأحزمة المرخّصة والفتى المعثر «مصطفى فغاغا»، الذي كان يعمل آنذاك في «معمل طوب»، وكانت الصاعقة، بعد أن سمعنا فترة قصيرة كلمات التنبيه والتخويف من الصبي صاحب الحزام البني: (ياااااااع.. يو يا.. ياااااع.. يع.. تشو.. تشيس.. ) حتى فوجئ جميع الواقفين كيف هوى «التايكواندو مان» بضربة واحدة من «مستر فغاغا»، وكيف جلس الأخير على بطنه وأشبعه لكماً وعضّاً وشتماً حتى تحوّلت بدلته كلها إلى اللون البني وليس حزامه فقط، ولولا كلمات التوسّل والرجاء والبحث عن صلة قربى بينه وبين «فغاغا»، التي أطلقها صبي التايكواندو، لكان «الكوري المزيّف»، أول شهيد لهذه اللعبة، بعد تلك الواقعة الغريبة عرفنا قاعدة ذهبية جديدة في «الدفاع عن النفس»، وهي: ليس مهماً على الإطلاق لون الحزام أو تمثيل الحركات، بل المهم ما تحت الحزام من قوة قلب.
الذي ذكرني بهذه القصة، أن السيد أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، حصل على الحزام الأسود -الشرفي- في التايكواندو، أخيراً، طبعاً حصوله على هذا الحزام جاء من دون أن يرفع رجلاً أو يلوي ذراعاً أو «يشقلب» خصماً أو يكسر حتى حبة بسكويت، ولذلك لا أستبعد أن يكون مصيره مثل مصير صاحبنا السابق، في أول مواجهة دولية تحتاج إلى قوة حزمه ولون «حزامه»، سينبطح أرضاً، ويعلن استسلامه.
مستر بان كي مون ما فائدة حزامك الأسود هذا، إذا لم تستطع إيقاف حزام الدم الأحمر، الذي يلف خصر سورية منذ سنتين وأكثر؟!
(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-06-2013 06:33 AM

رهيب

2) تعليق بواسطة :
13-06-2013 08:14 AM

أخي الكاتب الأمم المتحدة لا تملك قوة أو زخم إلا حينما تقف وراء المشروع الدول دائمة العضوية.

حاليا ً إثنتان من الدول دائمة العضوية أي الصين و روسيا ضد تغير النظام في سوريا و بالتالي لا تستطيع الأمم المتحدة شيئا ً.

من جهة أخرى تقوم قطر و السعودية بدور أسود جدا ً بتقديم الدعم لكل جهات التمرد سواء ً من منشقي الجيش السوري أو مرتزقة تنظيم النصرة و عصابات الجهاد.

الجميع يصب البنزين على النار لتبقى سوريا مشتعلة، فكما تشاهد أخي الكريم، إيران تحارب لإبقاء حليفها، و السعودية و قطر تحاربان إيران عن طريق سوريا، و إسرائيل تحارب الجميع بطريقة استخباراتية مختفية أيضا ً عن طريق سوريا، و موسكا و أمريكا كل منهما تريد فرض رؤيتها لتثبت للأخرى أنها هي القوة العظمى.

حرب سوريا ليست حرب السورين فيما بينهم، لكنها حرب الآخرين فوق أرض سوريا، تماما ًكما حدث في لبنان.

تاريخ العرب من أيام الغساسنة و المناذرة و قبائل الجزيرة العربية و الحجاز لم يتغير أبدا ً، أي شخص يقرأ التاريخ يجدهم قبل الإسلام و أثناءه و بعده كما هم، لكن الجديد أنهم ألبسوا صراعاتهم اللبوس الديني.

قارن بين المسلم الغربي و المسلم العربي، شاهد ما عند ذاك من إنسانية أي الغربي، و ما عند العربي من وحشية و ستفهم جيدا ً أن العربي يوظف كل شئ تحت قسوة البدوية و همجية الصحراء حتى الدين.

لم يتغير شئ و بان كي مان أو بكيمون ما هو إلا بوكيمون (بوكت منستر أو وحش جيب) في جيب الأمم المتحدة التي هي مجرد بنطال ممزق فيه أرجل كثيرة لأجساد ميتة.

3) تعليق بواسطة :
13-06-2013 10:19 AM

تعليق جميل، و كلام سليم!

4) تعليق بواسطة :
13-06-2013 04:45 PM

خير ما قلت يا تعليق رقم واحد لأول مرة أقر تعليق يلخص ما يحدث في سوريا بطريقة ذكية

5) تعليق بواسطة :
13-06-2013 11:00 PM

بس والله في حزام من كل الألوان وتأثيره قوي كثير على أكبر راس بس تأثيره بظل شغال طالما انت لابسه لانه تحته السحر كله.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012