أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


صرخات تذكرنا بصدى اليأس : هل نلتقطها؟

بقلم : حسين الرواشدة
15-06-2013 12:16 AM
منذ أكثر من عامين ونحن نصرخ، بعضنا يكتب في الصحافة وبعضنا يدبّ الصوت في الشارع، حتى انبرى لساننا، محذرين من وصول الناس الى اليأس، ومن نفاد صبرهم، ومن قساوة الظروف التي قد تدفعهم الى الكفر، بكل ما ألفناه من أدبيات وتراث وبكل ما تربى عليه جيلنا من “اخلاقيات”، لا لأنهم لا يؤمنون بها وانما لأننا بما فعلناه بأنفسنا أوصلناهم الى الجدار.

أمس الجمعة، رأينا في وجوه الشباب الذين جاؤوا من مناطقنا “المهمشة” والفقيرة صورة من “الغضب” لم نرها الا في مرات نادرة، هؤلاء - للاسف - كانوا حتى وقت قريب جداً من اهم “ركائزنا” التي نطمئن اليها حين يداهم بلادنا أي خطر، فلماذا تحولوا وتغيرت أفكارهم واندفعوا بمثل هذا الحماس الى “التحذير” من القادم، ألم نسأل أنفسنا عما صنعناه بهم حتى انغلقت أمامهم الأبواب المشروعة وخرجوا الينا من ابواب اخرى لم نتوقع ان “تفتح” بهذه الصورة.

قلنا عشرات المرات بأن “بلادنا” ليست استثناء، وبأن عواصف “التغيير” التي اجتاحت بلادنا العربية ستداهمنا اذا لم نتحرك بسرعة نحو تحقيق مطالب الناس والرد على اسئلتهم بحكمة وعقلانية، وقلنا بأن قطار الاصلاح الذي تباطأ وتأخر كثيراً يواجه على مسار آخر مواز قطار “نفاد الصبر” هذا الذي يسير بسرعة جنونية، ودعونا مراراً الى ضرورة دفع القطار الأول بكل ما نملك من امكانيات وارادات لكي نستدرك القطار الآخر ونخفف من سرعته.. لكن يبدو ان اصواتنا ذهبت سدى وأن آذان المسؤولين لم تلتقط ذلك، بحجة انه مجرد صراخ وسينتهي حين يتعب مطلقوه والمستمعون له ايضاً.

جردة حسابات العامين المنصرمين تؤكد لنا - بدون أدنى شك - بأن “وصفة” الاصلاح التي قدمناها لم تقنع اغلبية مجتمعنا، وبأن “حالة مجتمعنا” قد تراجعت نحو الاسوأ، وبأن رهاناتنا على “ارضاء” الشارع وجموده، أو على “صور” الدم المخيفة التي تردع الناس من المطالبة بحقوقهم، لم تكن صحيحة، وبالتالي فمن واجبنا اليوم ان نراجع مواقفنا ومعادلاتنا السياسية، وان نفتح عيوننا بشكل افضل على ما يدور في مجتمعنا، وما يتغلغل داخله من احتقانات، وما يعكسه خطابه المعلن والصامت من مخاوف وتحذيرات، لكي لا نفاجأ بما لا يسعدنا ولكي لا نقع في المصائد التي وقع فيها غيرنا.. وعندئذ لا ينفع “الفهم المتأخر” ولا الندم ايضاً.

نحن مقبلون على تحولات سياسية لها استحقاقاتها، سواء على صعيد الداخل وما يتعلق به من “ازمات” اقتصادية ومقررات مُرّة، أو من “صراعات” وانقسامات في مناطق النفوذ وخارجها، وعلى صعيد الخارج بما يحفل به الاقليم من “نذر” حرب قادمة، ومن اشتباكات طائفية ومذهبية، ومن ترتيبات وخرائط جديدة يُعاد رسمها، وبالتالي فان “الفاتورة” التي سندفعها ستكون باهظة، وهي تحتاج الى “جبهة” داخلية متماسكة ومؤمنة بما يستحق علينا وجاهزة لكي تدفعه.. واعتقد ان حالة مجتمعنا ليست كذلك، مما يعني أننا سنواجه “لحظات” صعبة يفترض ان نستبقها بعمل “جبّار” وجهود جدّية، تستهدف أول ما تستهدف تغيير المعادلات السياسية القائمة نحو معادلات صحيحة وصلبة تقنع الناس بأن مرحلة جديدة قد بدأت حقاً، وبأن “مشروع الاصلاح” قد انطلق بما يجب أن يتضمنه من اعادة الاعتبار لعلاقة المجتمع مع الدولة، واقامة موازين العدالة، وترسيم حدود المحاسبة والمكاشفة، وترسيخ الوئام الداخلي، وحل الأزمة الاقتصادية بعيداً عن تحميل اعبائها للطبقات الفقيرة والمتوسطة..الخ، زد على ذلك ما يتعلق باستقلالية القرار وبالنأي عن الحلول التي تطرح لمواجهة أزمات الاقليم بحيث لا نورط أنفسنا في “ازمات” جديدة ولا ندفع من جيوبنا أثماناً سياسية لارضاء هذا الطرف أو ذاك.

حين سمعت أمس أصوات “المحتجين” تتردد وسط العاصمة وفي الاطراف الاخرى، قلت: يا ليت أن آذان المسؤولين في بلادنا تلتقط هذه النداءات لكي تقتنع بأن الطريق الى الاصلاح أصبح اضطرارياً.. وبأن الرهان على الوقت وهدوء الشارع قد انتهت صلاحيته.. وبأن امامنا فرصة أخيرة لكي نتجاوز “الانواء” التي عصفت بالمنطقة وخرجنا منها حتى الآن بأقل ما يمكن من خسائر.. يا ليت!.
(الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012