أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


العلماء ودورهم في وأد الفتنة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
19-06-2013 12:10 AM
أيها العلماء يا ملح البلد من يصلح الملح إذا الملح فسد
عندما تشتعل الفتنة، ويشتد أوارها، في أوساط الأمة، يتم اللجوء إلى العلماء، من أجل تحكيم العقل، والعودة بالأمة إلى جادة الصواب، من خلال التمسك بالمبادئ، وإعلاء شأن القيم، وإشاعة الفهم الصحيح للدين، وبذلك الجهد في تصحيح أصول الاعتقاد الصافي النقي الذي يجمع الأمة ويوّحدها ويستنهض فيها معاني الإخوّة الإيمانية الجميلة التي تحرم الاقتتال الداخلي وتفرض الصلح بين المختصمين.
كلنا يعلم أن أعداء الأمة الخارجيين يعملون على إثارة الفرقة في صفوف الأمة، وإشعال بذور النزاع والخلاف الديني والعرقي والمذهبي من خلال اللعب على كوامن الغريزة الحيوانية التي تنمو وتزدهر في ظل سيادة الجهل والتدين السطحي، وضحالة الفكر والانهيار الثقافي..
إذا استجاب السياسيون وأصحاب المصالح وأرباب النظر القصير لدعوات التعصب والاقتتال الطائفي، فينبغي على العلماء أن يعالجوا هذه الاستجابة الخطأ، وأن يبادروا إلى طرح المبادرات الإيجابية التي تعمل على استنهاض الحكمة وقيم الإيمان والمروءة ومعاني التفكير المنطقي عند العقلاء وأصحاب المكانة بين الأطراف المتنازعة، ويجب عدم الاستسلام لدعوات اليأس والإحباط والقنوط من الإصلاح ويجب عدم سد منافذ الأمل أمام صيحات الحكمة ونداء العقل.
كان الخطأ كبيرا والخسارة فادحة في العمل على جر الصراع السياسي في سورية إلى دائرة العنف ودوامة الفوضى العارمة، واللجوء إلى القوة الساحقة في مواجهة المطالب الشعبية بالحرية والكرامة، ولكن الخطأ الأشد بشاعة والخسارة الكبرى تمثلت في جر الصراع نحو الاقتتال الطائفي والنزاع المذهبي، والارتكاز على نبش الأحقاد التاريخية والثارات القديمة، التي أدت إلى إدخال سورية والمنطقة كلها في أتون الفتنة العمياء التي لا تفرق بين الظالم والمظلوم ولا تنصف القاتل ولا المقتول، ويكون الخاسر الأكبر في هذه المعمعة الأمة كلها بكل مكوناتها وبكل عناصر قوتها ووحدتها..
ليس هناك مستقبل مضيء لهذا اللون من الصراع الطائفي المذهبي البغيض، والعتب الكبير من كل الأمة على الطرف القوي أو الأقوى في هذا الصراع الدموي، لأن القوي دائمًا هو من يفكر في استعمال القوة والعنف في فرض إرادته، وبمعنى أشد وضوحًا أن النظام السوري والنظام الإيراني وأتباعهما يتحملان مسؤولية كبرى في إشعال بذرة العنف والبدء في استخدام القوة، هذا ما لا جدال فيه، ولكن في الوقت نفسه، يجب على العلماء بيان الخطأ من دون استجابة لنداء التعصب والفتنة، ويجب بذل الجهد في عدم انزلاق الصراع نحو الفتنة الطائفية والقتال المذهبي، ومحاولة الإبقاء على الصراع في حده الأدنى ضمن دائرة الخلاف السياسي ودائرة التنافس على قيادة عملية الإصلاح والتغيير السياسي والاقتصادي فقط.
ربما يكون مجيء الرئيس الإيراني الجديد مناسبة لإعادة النظر في دوامة الصراع الدموي في سورية، وأن تكون هناك نافذة وبارقة أمل للتعاون بين إيران ومصر وتركيا بالمشاركة مع دول المنطقة الأخرى مثل السعودية والمغرب، ذات الثقل السياسي والشعبي في البحث عن مبادرة تنقذ ما يمكن إنقاذه، وأن يكون التركيز على أولوية حماية الشعب السوري، وحماية الدولة السورية قبل الاعتبارات المذهبية والشخصية والحزبية والشنشنات الجاهلية.
مصلحة إيران لا تتمثل بإدخال المنطقة في صراع مذهبي، وإدخال الشعوب في أتون فتنة التعصب البغيض بكل ألوانه، لأن منهج الثأر سوف يؤدي إلى سلسة ثارات لا تنتهي، وفي نهاية المطاف لا يستطيع مذهب محدد إزالة مذهب آخر من الوجود مهما أوتي من قوة ووسائل عنف حتى لو امتلك السلاح النووي.
على إيران أن تشرع في سحب قوات حزب الله من سورية أولاً، وأن يتم التوافق على عدم التدخل الخارجي بالشأن السوري من كل الأطراف بلا استثناء، ويجب البحث عن مبادرة عربية وإسلامية عادلة، قبل أن تنتظر الحلول والمبادرات من الدول الأجنبية الشرقية والغربية سواء في جنيف أو عن طريق الدول الثماني.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012