أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


2014: عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون

بقلم : إبراهيم غرايبة
01-01-2014 12:13 AM
رحل العام 2013 مخلفا أصعب تجربة عرفناها. لقد ظهرت المسائل كما هي، بوضوح وصراحة كنا نتجنبهما، أفرادا ومجتمعات وحكومات: الإصلاح عملية صراع قاسية ومضنية؛ ليس برنامجا أو خطة محكمة، ولا مطالب يتقدم بها الناس، ولا حلما جميلا نهتف به في المظاهرات.أثبتت الجماهير العربية تمسكاً بالحريات والكرامة، واستعداداً للتضحية لأجلهما. ولكنها إرادة نبيلة لم تجد نخباً تحملها تعمل لأجلها، وتجد فيها مصالحها وآمالها؛ ولا مجتمعات تتشكل حولها وتدركها بوضوح، وتربط بها وجودها وأهدافها. وأُجهضت التطلعات الجديدة بفعل خطاب ديني منفصل عن الحياة، ونخب راسخة متمرسة في المناورة والإفشال. وربما كان 'الربيع العربي' أقوى دليل على مقولة أرنولد توينبي: 'إن التقدم الاجتماعي يتوقف على الأقلية المبدعة التي تجسد التقدمية، وهي مستودع المبادرات الاجتماعية الإيجابية'؛ فالتقدم الاجتماعي وظيفة نخبة مقترنة بجماهير تؤيدها.قتل الإصلاح نفسه بنفسه! لأنه بمتطلباته وشروطه وتفاصيله الكثيرة غير المشتغل فيها من قبل المجتمعات والنخب الإصلاحية، وخريطته الطويلة المعقدة، يبدو قاسياً مملاً غير ملهم للجماهير؛ ما أفسح المجال واسعاً للوعود والآمال الجميلة، مصحوبة بالتضحيات والمظلومية لدى الجماعات الدينية، لتقود المجتمعات والناس إلى الفردوس!ولكن ثمة فرصة باقية يعززها السأم من النخب المهيمنة (الحكومية والمعارضة والدينية)، لتتشكل المجتمعات من جديد حول الأولويات الفعلية والحقيقية، والتي تقوم عليها حياة المجتمعات ولا يكون الإصلاح إلا بها؛ قيم العدل والحرية، المفترض أن تلهم المجتمعات والناس، وتقودها إلى تحرك واقعي تطبيقي واضح نحو تكريس العدل والحريات والتنافس العادل في الفرص والعمل والانتخابات، وأن تفكر عملياً كيف يمكن الاستفادة من التحولات الجارية في طبيعة الدولة وأدوارها، وأن تجعل من الأسواق والخصخصة مورداً مستقلاً يدعم وجودها وتأثيرها، وتوظف العولمة القائمة في التضامن وزيادة الأعمال والموارد، واستقلالها عن السلطة والنخب المهيمنة.ربما تحتاج النخب والقيادات الإصلاحية الواعدة أن تعمل في الغرف المغلقة أكثر من الشوارع والميادين، لتفكر كيف تربط الانتخابات النيابية والبلدية والنقابية بالمصالح الأساسية للمجتمعات: الضرائب، الضمان الاجتماعي، الرعاية، تحسين الخدمات والمرافق، وتحسين الحياة ومستوى المعيشة والرفاه؛ وكيف تجعل لقواعدها الاجتماعية المفترضة تأثيراً ومشاركة في الحياة العامة والسياسات، وتساهم في صياغة التشريعات وتعديلها على النحو الذي يخدم مصالح المجتمعات.لنحلم بعام جديد تتحرك فيه المجتمعات ونخبها الإصلاحية لأجل التشكل حول الأولويات والموارد والأعمال والخدمات الأساسية، والتي تنشئ الأسواق والمدن والبلدات والأحياء، ثم تعمل بوعي كاف نحو الشراكة مع السلطة والشركات، لإدارة هذه الموارد وتنظيمها على النحو الذي يمنحها الولاية عليها، أو الشراكة الفاعلة في تنظيمها وجني فوائدها، وترشيد استخدامها وتفعيله؛ الطاقة والمياه والزراعة والغذاء، وما حولها من صناعات واستثمارات وأسواق وجمعيات وتنظيمات وشركات وتعاونيات.. تحولها إلى أسواق متعاظمة وملهمة لحياة الناس وأحلامهم وخيالهم.. آمين!لا مفر من العودة إلى العمل القاسي الممل!ibrahim.gharaibeh@alghad.jogharaibeh48@
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012