أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


2014 عام تسديد الفواتير وتصفية الحسابات!

بقلم : حسين الرواشدة
01-01-2014 12:25 AM
إذا كان العام 2013 هو عام “تأجيج” الصراعات فإن عام 2014 الذي أطل علينا اليوم سيكون مرشحاً لتسديد الفواتير وتصفية الحسابات.
ثلاث سنوات - بالطبع - كانت كافية “لكشف” المستور في عالمنا العربي، فقد سقطت أنظمة وقامت أخرى، وانكفأت قوى ثم عادت مرة اخرى للظهور، وخرجت دول من دائرة الحصار لتعود الى “الملعب” السياسي كفاعل ثم توارت فجأة وانسحبت إلى مقاعد المتفرجين أو الاحتياط، أما المجتمعات العربية فقد تعرضت لـ”تسونامي” الكراهية والشحن المتبادل، وبدل أن تنتزع منها “التحولات” التي جرّت أفضل ما فيها انتزعت منها اسوأ ما في “خزائنها” من ضغائن وأحقاد.
كان العام 2013 مزدحماً بـ”الصراعات”، في مصر - مثلا - انتهى المشهد بانقلاب العسكر على الإخوان، ودخلت “الدولة” والمجتمع في صراع دام لم يتوقف منذ ستة أشهر، وسجل العام أبشع “المذابح” في تاريخ مصر المعاصر، ومن المؤكد ان ساعة الحسم لم تدق بعد، فبعد إخراج “الإخوان” من الحكم والحاقهم بـ”الإرهاب” ثمة من يدفع لإخراجهم من “السياسة” و “الملة” الوطنية، وبالتالي فإن العام الجديد سيكون مرشحاًَ لإطلاق صفارة “الحسم” سواء بإعلان المنتصر أو ترحيل الجولة الى أعوام قادمة، أو بحدوث “معجزة” سياسية قد تسهم بمعالجة الجراحات، وخروج المصريين من “المحنة”.
في سوريا - أيضا - من المتوقع ايضاً أن يكون عام 2014 موعداً لتسديد فواتير الصراع الدائر منذ اكثر من عامين، وفيما يستعد النظام لاستعادة 80% من الأراضي السورية لتقوية أوراقه في “جنيف 2”، تبدو المعارضة السياسية غير جاهزة تماماً لانتزاع أية مكاسب، فيما تبدو الجماعات المسلحة مصممة على “القتال” حتى النهاية، الأمر الذي قد يحمل مفاجأة “تصدير” الصراع الى الخارج، أو “تقسيم” سوريا، أو فرض تسوية سياسية تصب في مصلحة النظام وحلفائه في موسكو وطهران وبغداد.
إذا وسّعنا “فرجار” النظر أكثر فإن نهاية “الصراع” بين ايران والغرب التي اختتم بها العام المنصرف أعماله تستدعي بالضرورة أن يكون عام 2014 “موسما” لتسديد فواتير “الصفقة الكبرى”، ومن المفارقات أن عالمنا العربي هو المرشح الوحيد (دعك من اسرائيل) لدفع قيمة هذه الفواتير وأثمانها الباهظة، لا على صعيد اشعال الحرائق بين السنة والشيعة فقط، وانما على صعيد “نشوء” تحالفات جديدة قد تغير شكل المنطقة كلها، تكون فيها “طهران” التي تبدو الدولة الوحيدة التي تستعيد نفوذها وحضورها المرشح الاول “لتقرير” مصير المنطقة، وتحديد أدوار الفاعلين فيها أو ضبط ايقاع احداثها المختلفة.
مع “تقدم” طهران، يبدو أن “انقرة” تتراجع وتنكفئ على نفسها لتضميد جراحها “السياسية” بخاصة بعد “فضائح” الفساد وصراع “جماعة الخدمة” مع اردوغان، كما يبدو ايضا ان الخليج العربي قد انسحب لمواقع “الدفاع” عن النفس، فيما “العراق” يواجه “ازمة” الحلقة الأخيرة من المصارعة بين المالكي وخصومه “السنة”، وبالتالي فإن عام 2014 سيكون في هذا “المقطع” من المشهد مرشحاً كعام لـ”تسديد” الحسابات، سوءا على المستوى السياسي (تركيا مثلا) أو الطائفي (العراق مثلا) أو المذهبي العابر للحدود (ايران ومحيطها الخارجي).
في بلادنا التي شهدت نوعاً من “الصراعات” الناعمة العام 2013 يبدو ان تسديد الفواتير في عام 2014 سيكون “مكلفاً” فثمة فواتير تتعلق “بالتسوية” التي تجرى لحل القضية الفلسطينية، واخرى تتعلق بتداعيات الزلزال السوري، وثالثة بالملف الاقتصادي، ورابعة بالصراع الإقليمي على “كعكة” النفوذ بعد تتويج طهران لاعباً اساسياً وانسحاب امريكا من الشرق الاوسط، وبقاء الاردن “حائراً” في اطار “لعبة” تقاسم الأدوار وضغوطها وآفاقها السياسية التي تبدو مسدودة.
عملية تسديد الفواتير وتصفية الحسابات في عام 2014 ستأخذ مسارين: احدهما على “طاولة” السياسة، حيث يمكن لاعتبارات الصراع الدائر ان تدفع بعض الأطراف سواء في داخل القطر الواحد، أو فيما بين بعض الدول المتشابكة سياسياً، للجلوس على “المائدة” وتصفية خلافاتها، واعتقد ان القضايا المرشحة لذلك ستكون من “العيار” الثقيل، مثل القضية الفلسطينية، أو “النووي” الايراني، أو “الملف” السوري، او العلاقات الايرانية العربية، أما المسار الآخر فستكون “التصفيات” فيه تصفيات “ميدانية” والقضايا المرشحة هنا هي القضية “المصرية”، والأخرى “العراقية” وربما تنضم اليها ملفات “الجماعات المسلحة” سواء في ليبيا أو سوريا أو اليمن.
الأهم من هذا ان عام 2014 سيكون مرشحاً ايضاً لتسديد فواتير الصراع على “الاسلام” سواء أكان العنوان “الاسلام السياسي” أو “الاسلام المسلح”، ومع ان العام الماضي انتهى بـ”انكفاء” تجارب الاسلام السياسي من الحكم بعد ان تعرض لضربات قاسية من خصومه في الداخل والخارج، وانتهى بصعود نجم “القاعدة” واخواتها من تيارات العنف، إلا أن الجولات لم تحسم بعد، لا باتجاه اندحار الاسلام السياسي ولا باتجاه انتصار “المسلح”، ما يفتح المجال في عام 2014 لتصفية الحسابات سواء بين الاسلاميين وخصومهم، أو بين الانظمة والجماعات المسلحة أو بين الاسلاميين المتخاصمين سياسياً.
بالنسبة لنا، يفترض ان نكون عام 2014 اكثر حذراً، فقد خرجنا من “زوبعة” الصراعات بأقل ما يمكن منم خسائر، ومن واجبنا في عام 2014 ان نفتح عيوننا لكيلا ندفع “فواتير” الصراعات التي حاولنا ألا نكون طرفاً فيها.. ولكي نضمن أن يكون عام تصفية الحسابات ليس على حسابنا!
(الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012