أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


النسخة المزيّفة من الأردن!!

بقلم : ماهر ابو طير
08-05-2014 12:17 AM
الذي يقرأ الأخبار يوميا، مثل حالتنا، يكاد أن يقول: ليس هذا هو الأردن، وقد قيل مرارا إن الأردن تغير اجتماعيا، ولم يتبق من نسخته الأصلية إلا الذكريات، فلا يصدق كثيرون.
خنجر في وسادة مسؤول في معان، ورشاشات ومطاردات، حرق غابات عجلون، و نسف محول الكهرباء، مواجهات دموية في مؤتة والبلقاء، اختطاف رهينة، إطلاق نيران على مراكز امن، مطاردات في الشوارع، مشاجرات عائلية، اعتداءات على الأطباء، إغلاق طرق، اضرابات تدمر الاقتصاد، شكوى وتذمر وكراهية مبثوثة.
والقائمة اليومية التي تسمم البدن والدم على حد سواء لا تتوقف، والكل يريد أن تضرب الدولة بيد من حديد، والأرجح أن الدولة لم تعد قادرة على ملاحقة كل هذه القصص، لأننا بتنا بصراحة ودون تجريح لأحد أمام شعب كامل جديد، فمن أين نأتي له بالحلول؟!.
إذا تركت هذه القصص وذهبت الى الحياة اليومية تجد أنه لا أحد «يوفِّر» الآخر، الكل يُنظِّر ويخطب فيك عن الأخلاق والمُثل والدِّين، ألسنة الناس مدرَّبة ومحترفة على اللغو بلا روح او معنى، والكل يشرب دم الكل، التاكسي لا يتحرك إلا إذا ضمن دينارا إضافيا على العداد، والميكانيكي يعتبرك «دجاجة» لا بد من نتف ريشها، وبائع الخضار يرفع الأسعار كيفما شاء بذريعة فواتير الكهرباء، والحالة تنطبق على البقية.
تذهب الى صلاة الجمعة، والكل يـتأبط التقوى المصطنعة، ونهز رؤوسنا تأثرا، ونقول بصوت مرتفع «آمين» عند كل دعاء، فتسأل نفسك: من هم الذين يتسببون بالمشاكل في البلد، غيرنا نحن الذين نتزاحم ونغلق الطرقات لصلاة الجمعة، فكل هذا الجمع، تجد فيه من يعقَُّ والده أو والدته، وتجد فيه من لديه عشيقات، وآخر يشرب الخمر، وآخرين يتعاملون بالربا، وبعضنا يضطهد العامل الوافد وولا يعطيه أجوره، والخلاصة ان من نراهم في المسجد هم من نراهم يوميا في حياتنا يتسببون بهذه الأزمة الأخلاقية الكبيرة في البلد، وما كانت صلاتهم إلا رياضة!!
يقولون لك إن الفقر يسبب كل هذا، وقد كنت اقول مثلهم، غير ان الفقير اذا غضب لا يقطع شارعا، ولا يؤذي آخر، وقد كنا اساسا فقراء فلم يفعل اهلنا ما فعله الاحفاد.
قبل ايام تمت مخالفة سائق حافلة، ومن شدة غضبه على طريق الجامعة سار امتارا، ثم ادار حافلته وأوقفها بالعرض متسببا بتوقف آلاف السيارات، فلا رف له جفن، أمام امرأة قد تلد في الطريق، او مصاب بنوبة قلبية، بحاجة الى مستشفى، وماهو مهم هنا، العشرون دينارا، وليحترق كل الشعب بعد ذلك في جهنم وفقا لرأيه!!
حتى لا نكذب على انفسنا، القصة ليست قصة «هيبة» دولة فقط، ولا قصة فقر، القصة قصة «وباء» اجتاحنا، واخذنا الى ازمة اخلاقية، اذ تكسرت كل مفاهيم الانتماء والعيب والحياء والحلال والحرام، وبما ان هذه المعايير تحطَّمت، فكل شيء متوقع اليوم.
دعونا نعترف لبعضنا البعض ان «العنجهية» التي تحكم شخصياتنا لم يعد لها اي داع بعد اليوم، لأن سمعتنا تحطمت بفعل ايدينا، وعلى مرأى من الناس والبشر، دون أن نشعر بحجم خسارتنا، وخسارة بلد كانت اهم مزاياه تكمن في شخصيته الاجتماعية ومعاييرها.
ما يثير حزنك حقا، أنك كمن يولد من جديد ويشعر انه غريب وسط هذه القصص، فليس هذا هو الاردن الذي نعرفه، وليس هذا هو الاردن الذي بنيناه معا، بدمنا وعرقنا، وليس هذا هو الاردن الذي يعرف شماله جنوبه، ويعرف كل واحد فيه الآخر.
لا تعرف هل الدنيا تغيرت في كل مكان، أم انها لعنة المدنية والمال التي تعصف بمعاييرنا الأخلاقية والاجتماعية، لتعيد انتاجنا كشعب جديد، لايأمن الواحد فيه على نفسه؟!
سنرى يوما بعد يوم، ان كل الاطفاءات اللغوية وتضاحكنا على بعضنا البعض، لن تفلح الى ما لانهاية باستعادة هويتنا الاجتماعية المسلوبة بفعل اسباب كثيرة, والحبل على الجرار وقانا الله وإياكم شرَّ مقبل الايام.
ما نراه هو النسخة المزيفة من الأردن، والنسخة الأصلية لا يعرف احد اين ذهبت، ومن عبث بها ولماذا عبث بها ايضا؟!.
ثم اننا قد نكون قد حسدنا انفسنا على هذا البلد، فوقعنا في شرِّ حسدنا لأنفسنا!.
(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-05-2014 09:02 AM

.... احسنت عزيزي ماهر ---- ولكن علينا ان نسأل عن السبب الحقيقي وراء كل ذلك وهو : باعتقادي ابتعادنا عن حقيقة دين الله في الأرض حيث نمارس العبادات عادة وتقليد وليس ايمان حقيقي الا من رحمه الله.

بعد ذلك لنسأل الحاكم ونسأله عن تلك الحاشية التي قرّبها ظنّاً منه أنها تعينه ، وبعد ان ثبت فشلها ---- الغريب أنّه ما زال متمسك بها فلا حول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم واستغفر الله رب العرش العظيم


شكرا عزيزي ماهر

2) تعليق بواسطة :
08-05-2014 10:12 AM

اصبت كبد الحقيقه يااخ ماهرسلمت يمناك وصح السانك

3) تعليق بواسطة :
08-05-2014 10:12 AM

اسعد الله صباحك استاذ ماهر صحيح ماقلت ولكن من كان السبب في تغير الاردن والشعب ومن كان السبب المأل به الى هذا الحال اليس هم الساسة الذين كنا نسمع منهم مصطلحات التحول الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وعملو بشكل ممنهج للوصول بنا الى هذا الحال الم تكن تسمع الشكوى المريرة من الناس انهم اصبحو غرباء في وطنهم اجتاحتهم مفاهيم وقيم وممارسات كان هناك من يغذيها ويجسدها الدولة تخلت عن واجباتها الاجتماعية والاقتصادية في توفير سبل العيش للمواطن وتركت الحبل على الغارب جعلت التاجر يبيع على كيفة ويضع السعر على كيفه والصانع يصنع على كيفه بدوان ضوابط لضمان الجودة والدولة اصبحت وظيفتها جبائية وتركت المواطن فريسة لعوامل السوق الذي لايصمد به الا رأس المال المفترس تحت شعرات وذرائع ثبت فشلها بعد تجربة لأكثر من عشرين عاماً كانو يقولو تحرير الاسعار يؤدي الى المنافسة والمنافسة تؤدي الى تخفيظ الاسعر بما يعود الى مصلحة المواطن والمستهلك ولكن شيئ من ذلك لم يتحقق وأصبحت المنافسة على رفع الاسعار وليس تخفيظها وثبت زيف كل الشعارات البراقة والتي كان هدفها الحقيقي الافقار والتجويع والاذلال ... ولك التحية ؟؟؟

4) تعليق بواسطة :
08-05-2014 11:24 AM

" ان الله يزع في السلطان مخا لا يزع في القرآن " " عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا " " العدل اساس الملك "
اخي ىماهر , منذ خمسة عشر سنة لم يعد الشعب في الاردن هو ذانت الشعب من قبل , فقد توارد علينا شذاذ الافاق من كل حدب وصوب .. وتغيرت فلسفة وسياسة الحكم من الحكم الى التجارة .. لا بل الى النهب والسرقة والسمسرة وبيع كل ما يمكن ان يباع ... وما زال الوضع جار لا بل الى اللازدياد .. واللع الان على انتاج شعب جديد يتكون من عشرين مليون لا يجمعه سوى جواز سفر ورقم وطني ودون ان يشعر انه مواطن وان ثروات ىالبلد له وليست لغيره لينهبها

5) تعليق بواسطة :
08-05-2014 01:27 PM

هناك فكر لدى المسؤولين العرب ان الديموقراطية لاتصلح ولايمكن تطبيقها في البلدان العربية وهذا ما تسرب من الاجتماعات المغلقة في بعض الدول

6) تعليق بواسطة :
08-05-2014 02:19 PM

السبب سياسة سؤ اختيار المسؤولين

يتم اختيارهم من تلك الفئة التي تتعمد و تستمتع بتطنيش المواطنين

7) تعليق بواسطة :
08-05-2014 03:17 PM

ما نراه هو النسخة المزيفة من الأردن، والنسخة الأصلية لا يعرف احد اين ذهبت، ومن عبث بها ولماذا عبث بها ايضا؟!. ......
النسخه الاردنيه الاصليه كلنا نعرف اين ذهبت وحضرتك يا سيد ماهر اكثر العارفين والمطَلعين بل والمقربين والمسافرين بالمعيه احيانا .
انا من اكثر المعجبين بمقالاتك بغض النظر ان اتفقنا او اختلفنا ..ولا داعي ان تذهب بعيدا بتحليلك فالوباء الذي اصابنا هو الفساد ثم الفساد ثم سوء الاداره وسياسه التطنيش والتهميش حتى اصبح الغالبيه العظمى من الشعب تعاني من ارتفاع الاسعار والفقر والذي نتيجته الحتميه الجوع نعم الجوع يا ماهر اذهب الى المحافظات وتجول ماذا يعني الجوع والفساد .
قبل اسبوع افتتح بمستشفى الكرك الحكومي وبحضور السفير الامريكي قسم الخداج للاطفال والبارحه سقط السقف على حواضن الاطفال من هطول امطار صيفيه والمنحه الامريكيه تجاوزت ال4 مليون دولار هذا مثال بسيط وقس على ذلك وتتساءل يا ماهر ماذا حل بمواطننا وهل هي العنجيه واقول لك صادقا لا الذي فتك بنا الفساد والاقصاء والتطنيش والتهميش ناصحا من يؤمنون بنظريه جوع كلبك بلحقك بانهم مخطؤون فقد ولَى ذاك الزمن الغابر ولن يعود .

8) تعليق بواسطة :
08-05-2014 03:22 PM

مقال رائع ... نعم ، الازمة هي ازمة اختلال في القيم والاخلاق وفي منظومة السلوك وتشتت في الهوية والانتماء ...
المشكلة تكمن في غياب القدوة الحسنة وضعف هيبة الدولة ... نحن بحاجة الى الحجاج ابن يوسف الثقفي ... بحاجة الى سطوة القانون بحاجة الى سيف العدل وعصا العقاب ... يجب ان تكسر انوف الكبار - ممن يتطاول ويسيئ- قبل الصغار ...

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012