أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


لماذا تفكر في الهجرة؟!

بقلم : د.محمد ابو رمان
22-05-2014 01:18 AM
نكأ الصديق والزميل عمر عياصرة، في برنامجه الإذاعي صباح أمس، جرح العشرات من المتّصلين، الذين فتحوا قلوبهم وفجّروا همومهم واحتقانهم المتراكم، وذلك عندما طرح السؤال المؤلم: لماذا تفكِّر في الهجرة؟ وهو السؤال الذي كانت قبل ذلك الزميلة غادة الشيخ قد طرحته في برنامجها على موقع 'الغد'؛ فكانت النتيجة أنّ الأغلبية العظمى تفكّر في السفر، للظروف الاقتصادية الصعبة، والضغط النفسي، وعدم الشعور بأنّ هناك أفقاً مستقبلياً لتغيير هذه الصورة القاتمة. وربما أغرب تعبير هو لشاب صغير، فسّر ذلك بالقول: 'لأننا مخنوقون'!
بالضرورة، لم تُخفِ نسبة كبيرة من المتّصلين (مع العياصرة) دور الظروف الاقتصادية؛ من ارتفاع الأسعار، والفقر والبطالة، وعدم القدرة على توفير فرصة الحياة الكريمة لأبنائهم وأسرهم مع هذه الفجوة التي تتسع يوماً بعد يوم بين متطلبات الحياة وشروطها المتنامية والمتصاعدة وبين دخولهم المتآكلة!
بالرغم من أهمية الظروف الاقتصادية في تفسير هذا النزوع الكبير نحو الهجرة والخروج من البلد، إلاّ أنّ ما بدا أكثر حضوراً وتأثيراً في المداخلات التي استمعنا إليها، هو الشعور بالظلم، والناجم بدرجة كبيرة (وفقاً لهذه الآراء) عن غياب ميزان القانون، واختلال المساواة، ومزاجية الدولة في التشريع والإدارة، وحتى السياسة؛ ما ولّد حالة متنامية من الاحتقان والغضب!
أحد المتقاعدين من الدولة تحدّث عن راتبه الشهري (الذي يبلغ حدود 300 دينار)، وتساءل كيف يعيش ويعيل أسرته، وأجرة المنزل الذي يقطنه بحدود 200 دينار! لم يتمالك الرجل نفسه فأخذ بالصراخ، عندما أكّد بأنّه لا يستطيع تأمين أجرة النقل لابنته في الجامعة، فقط من أجل تأدية امتحاناتها الفصلية!
شخص آخر طرح السؤال معكوساً: لماذا لا نفكّر في الهجرة، وأغلب ما يحدث حولنا يدفع إلى الإحباط واليأس والشعور بغياب العدالة؟ عندما يفقد طالب مجتهد في الثانوية العامة حقه في مقعد في إحدى الكليات بسبب النسبة الكبيرة من 'الكوتات'، وعندما تسرق الجامعات أو الحكومة حق طالب متفوق تماماً في الجامعة في المنحة فتعطى لأشخاص آخرين، وعندما يتم سؤال الشخص في أي مؤسسة حكومية عن 'بلد الأصل والمنشأ'، فلماذا لا يفكّر الشباب بالهجرة والاغتراب والعمل في الخارج، والبحث عن دولة تعاملهم بالقانون وفق معيار الكفاءة والقدرة؟
أعجبتني مداخلة أخرى رفض صاحبها القبول بادعاء المسؤولين دائماً بأنّ من يمنع أبناء البلد من العمل هي ثقافة العيب. إذ أشار إلى أنّ المشكلة في بيئة العمل وقانونه وأنظمته التي لا تمنح العمال والعمالة الوطنية الحقوق المطلوبة، والأجور التي تتناسب مع حجم وعبء العمل، وتسمح بالعمالة الوافدة بأجور أقل بكثير. وهذا سبب رئيس من أسباب البطالة في البلاد التي تفيض بمئات الآلاف من العمالة الوافدة!
ثمّة قصص وهموم كثيرة استمعنا إليها. وأنا واثق بأنّ القارئ العزيز لديه مثلها من الشجون والآهات. إلاّ أنّ الموضوعية والإنصاف يقتضيان منّا الاعتراف بأنّ أسلوب شيطنة الحكومة وتبرئة المواطنين دوماً ليس هو مفتاح الخروج من هذا المزاج الجمعي المتشائم!
صحيح أنّ الحكومات المتعاقبة والسياسات غير المتوازنة تتحمل شطراً كبيراً من المسؤولية عن هذا المزاج العام، إلاّ أنّ المواطن والمجتمع يتحملان أيضاً شطراً لا يقلّ أهمية عن هذه الحالة التي وصلنا إليها. فالمجتمع المدني شبه نائم ومعطّل، لا يعمل على التخفيف من الحالة السلبية؛ والأكاديميون والمثقفون والتكنوقراط مستنكفون عن أيّ دور مجتمعي إصلاحي!
صمت المجتمع، وعدم فعالية المواطنين، وسلبية الطبقة الوسطى في مواجهة انهيار السلطة الأخلاقية للدولة والقانون، هي من أهم الأسباب التي تضخّم من الآثار النفسية السلبية الراهنة، وتدفع إلى الهجرة!
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-05-2014 05:11 AM

The government, the sytem and above all the regime should assume much of the responsibility for Jordanians reaching this level of frustration. However, that should not exclude the responsibilties of the individuals and the society as a whole for this level of frustration as well. I still want to meet a Jordanian , no matter what his/her origins, who does not complain. The rich Jordanians complain and the middle class complains as much if not more than the very low income class. In fact, much of the complaining is coming from people who are doing well in Jordan. There was a time when I would finish school and go work with my father until sunset and then set down to do school homework and then go to bed. Everyday was something like that. Unfortunately, these days all the prices are up and everybody wants everything and nobody does real work. That is the truth. Migration to other places will not resolve the problems of this generation and the generations to come because they do not understand and value real work. I migrated, and up to this time I work 10 hours aday to be able to afford basic things. People will need to get more realistic and understand that life has become harder everywhere else and that everything in life has a price. As for corruption and lack of equality, I agree it seems as time passes by there is more of that in Jordan, but there is no way to counter that except for hard work

2) تعليق بواسطة :
22-05-2014 09:21 AM

عينات من الظواهر الشاذة تكفي :

نظام القبول في الجامعات- مكرمة-تنافس-موازي-دولي !!

نظم التعيين والترقيات والبعثات غي الققطاع العام

نظم الانتخابات البرلمانية وأمانة عمان

الترهل الرعيب في القطاع العام

الحلول الأمنية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية

3) تعليق بواسطة :
22-05-2014 10:02 AM

I totally agree with you..hope you would write it in Arabic so all would read it...

all respect

4) تعليق بواسطة :
22-05-2014 10:59 AM

(عندما يفقد طالب مجتهد في الثانوية العامة حقه في مقعد في إحدى الكليات بسبب النسبة الكبيرة من 'الكوتات'، وعندما تسرق الجامعات أو الحكومة حق طالب متفوق تماماً في الجامعة في المنحة فتعطى لأشخاص آخرين، وعندما يتم سؤال الشخص في أي مؤسسة حكومية عن 'بلد الأصل والمنشأ'، فلماذا لا يفكّر الشباب بالهجرة والاغتراب والعمل في الخارج، والبحث عن دولة تعاملهم بالقانون وفق معيار الكفاءة والقدرة؟)

5) تعليق بواسطة :
22-05-2014 03:20 PM

محاولة إصلاح؟؟
بالله عليك يا دكتور قللي من وين أبلش بالإصلاح وإضمنلي إنو أي حركة إصلاحية ممكن أعملها راح تشوف النور وأنا من إيدك هاي لإيدك هاي

6) تعليق بواسطة :
22-05-2014 05:06 PM

يبدو ان الكثيرين غير مقتنعين بان هذا البلد هو بلد الاردنيين ووطنهم !!!!؟؟؟؟ اليس من حق الاردني ان يسأل غير الاردني عن بلده الاصلية ،كي نعرف ،اين نحن ؟؟ واين كنا ، والى اين وصلنا ؟؟ ومع ذلك يبادرك هذا الشخص المتثاقل من السؤال ،ان الوطن البديل ليس سوى فزاعة ؟؟؟
حتى لو ارادت اسرائيل او دول الغرب ،او حتى النظام الحاكم تحويل الاردن لوطن بديل ،فلن يستطيعوا ،لان الاجراءات على الورق شيء ،او دفع المليارات للعملاء شيء ،وعلى الواقع شيء آخر مختلف ... وهذا هو الواقع ،

7) تعليق بواسطة :
23-05-2014 12:02 AM

هذه العقليه ما يدفع الكثيرين للهجره

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012