أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


المديونية: صمت غير مريح

بقلم : جمانة غنيمات
17-08-2014 12:30 AM
آخر رقم متوفر حول قيمة الدين العام تم تقديره بحوالي 20.1 مليار دينار، بقيمة تبلغ 28.8 مليار دولار، ويتوقع أن يلامس 30 مليار دولار مع نهاية العام.
قيمة الأرقام تنمو والحكومة لا حول لها ولا قوة، وعاجزة عن إدارته بطريقة حصيفة تعكس مدى تقدير الحكومة لخطورة الرقم؛ إذ تتعامل وزارة المالية مع هذا المؤشر بكثير من الاستخفاف، رغم المخاطر الكبيرة التي يخفيها، وتهدد بتدمير المنجزات المالية والنقدية التي تحققت في السنوات التي سبقت العام 2010.
حجم الدين مسألة لم يعد السكوت عنها أوعدم التحرك السريع للتعامل معها ممكنا، ولا أبالغ إن قلت إنه يصب في باب عدم صون الأمانة، فارتفاع الدين ليزيد على 82 % من الناتج المحلي لم يكن يرد حتى في خيال الاقتصاديين الماليين او كوابيسهم.
قد تردّ الحكومة بأن العوامل التي قادت إلى ارتفاعها خارجة عن إرادتها، سواء ما يتعلق بأزمة الطاقة وانقطاع الغاز المصري والنفط العراقي، وما ترافق مع ذلك من لجوء سوري بلغ 1.4 مليون نسمة، ويكلف الأردن مبالغ تصل 4 مليارات دولار بشكل مباشر وغير مباشر، وهذا صحيح، لكن ماذا فعلت الحكومة للتخفيف من نهم الاقتراض من خلال التحكم بمعطيات تقدر هي على التحكم بها؟.
لكن ذلك لا يعفي من المسؤولية، بل ويشي بضعف الاهتمام، فسؤال واحد حول عدد الاجتماعات التي عقدتها لجنة إدارة الدين خلال العام الحالي مثلا تكشف مدى الاستهانة في التعامل مع مشكلة كبيرة تهدد ثروات الأردنيين.
ربما يعتبر الكلام قاسيا، لكن التنبيه ضرورة، حتى لا نكرر أزمة 1989 مع اختلاف المعطيات والمسببات، ففي أزمة الثمانينيات ارتبط السبب الرئيس للمشكلة بالفساد بدرجة رئيسية والخزينة التي كانت مفلسة بالكامل ولا تملك دولارا واحدا، حتى إن المرحوم محمد سعيد النابلسي كان يروي أن الملك الراحل الحسين رحمه الله موّل إحدى سفراته لحل المشكلة من دولارات اشترتها الحكومة في حينه من السوق السوداء، أما اليوم فالاحتياطي الأجنبي في أفضل حالاته ويقدر بحوالي 14.5 مليار دولار.
الدين يرتفع، وثمة من يقول إن حالة 'نهم اقتراضي' تصيب الحكومة، ما يزيد الأمر تعقيدا.
أما الحل فهو طويل المدى ومتدرج، لكنه للأسف لم يبدأ بعد، حتى صار الاقتراض لسداد قروض متراكمة مسألة عادية ومقبولة، وخدمة الدين بزيادة اضطرارية دون ضوابط تضع لها حدا.
الخطوة الأهم بعد كل هذا التلكؤ في معالجة الدين سحب الملف من وزارة المالية والحاقه بالبنك المركزي، ليكون تحت إدارة محافظ البنك د. زياد فريز، الذي سيتحمل تبعات الأزمة إن وقعت لا قدر الله، أو تفعيل لجنة إدارة الدين بشكل عملي وحقيقي، وإعلان حالة الطوارئ فيما يتعلق بهذا الملف.
وأكثر من ذلك، الحديث بصراحة متناهية عن المشكلة وحجمها وسيناريوهات معالجتها، حتى يتحمل الجميع المسؤولية في تطبيق الحل، والذي يبدأ بضبط حقيقي للإنفاق والحديث هنا يرتبط بجميع المؤسسات الحكومية بما فيها المستقلة والعسكرية، كل بحسب الممكن، وبشكل يراعي الأولويات الوطنية في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة محليا وإقليميا.
التحديات الاقتصادية كثيرة ومتعددة، بيد أن الاستقرار النقدي وفي هذه المرحلة يحتل المرتبة الأولى بامتياز؛ إذ يلزم التعامل مع الملف دون حساسيات وحسابات شخصية، فمصلحة الأردن تعلو على كل شيء، وهذا الصمت الحكومي حيال مشكلة الدين غير مريح.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012