أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


العدوان على غزة والدروس المستفادة

بقلم : هاني العموش
04-09-2014 10:30 AM
لا بد من القاء نظرة على مجريات العدوان وما سبقه من أحداث ومجريات مرورا بالمواقف السياسية الدولية منها والأقليمية لنتمكن من استنباط العبر والدروس المستفادة والبناء على المناسب منها وفق المصلحة العربية العليا دون النظر الى الى مصالح جزئية لا يستفيد منها إلا الأعداء في مسعاهم الرامي الى تفرقة الأمة ودق الأسافين بين ظهرانيها.
عام
1. يعتبر الصراع العربي الصهيوني من أعقد الصراعات في العالم حيث أستخدم الدين اليهودي كذريعة لتحقيق مآرب وأهداف أيدولوجية صهيونية عنصرية إستيطانية ،وتمكن الصهاينة من تجميع الكثير ممن يدينون باليهودية وعلى إختلاف أعراقهم وأجناسهم وثقافتهم ومواطنهم وجنسياتهم المختلفة في فلسطين بناء على وعد مزيف ومشروط تم تأويله دينياً وتاريخ محرف تم أختلاقه وتزويره لأغراض سياسية ولأن اليهود والصهاينة والماسون بشكل عام هم أصحاب نفوذ ومال وسيطره على وسائل الإعلام فإنهم تمكنوا من خداع العالم والدول الكبرى والغربية وكسبوا تأييدهم ودعمهم وبقوة السلاح تمكنوا من احتلال فلسطين العربية وتشريد أهلها وسكانها إلى مختلف أقطار العالم.
2. اتخذ الصراع أشكال ومراحل مختلفة تتراوح بين الخيار العسكري وذلك بشن الحروب والإستيلاء على أرض الغير بالقوة كما حدث في حرب عام 48 وحرب 67 وآخرها حرب عام 73 وبسبب التفوق العسكري الاسرائيلي والدعم الغربي لها إضافة لإنشغال الأنظمة الحاكمة بتثبيت أركان حكمها لم تتمكن الجيوش النظامية من تحقيق أماني الشعوب الأمر الذي أدى الى ظهور وجه آخر للصراع تمثل في مقاومة الإحتلال بمختلف السبل ولإن ذلك مشروعا في القانون الدولي أصبح خياراً مناسبا وبدهاء ومكر من اسرائيل ومؤيديها وصم هذا العمل بالارهاب ، وبسبب أن هذا العمل أصبح غير ملائم في البيئة الدولية والإقليمية والمحلية تم تبني الخيار الثالث وهو الخيار السلمي وتمت اتفاقات كامب ديفيد عام 77 ومؤتمر مدريد عام 91 تلاها اتفاقات اوسلوعام93 التي جعلت المقاومة وقادتها في سجن في الضفة والقطاع وبدأ مسلسل التفاوض من أجل التفاوض وأصبح الخيار الإستراتيجي للعرب هو السلام والخيار لإسرائيل هو خيار اللاسلم واللاحرب مع توسيع الإستيطان وقصم وضم الاراضي الفلسطينية وفرض سياسة الأمر الواقع.
3. نتيجة لحالة اليأس والإحباط والمماطلة والتسويف من قبل اسرائيل في تنفيذ قرارات مجلس الأمن والإتفاقات السلمية المبرمة أصبح هنالك خيارات أخرى منها المقاومة وكانت أوضح ما تكون في قطاع غزةالصغيرة بمساحتهاـــ 360كم2وبطول 41كم وعرض 15كم والمحاطة باسرائيل من ثلاث جهات ويعتبر أغلب سكان غزة من المهجرين من الاراضي والمدن والقرى المجاورة لمحيطهاـــ والكبيرة في مقاومتها وتضحية رجالها والتي تمنى قادة اسرائيل أن يأتي الصباح والبحر مبتلع غزة وبناء على عدم رضوخها للإحتلال قررت القيادة الاسرائيلية التخلي عن غزة وانسحبت منه عام 2005 إلا أنها أبقته تحت رحمتها أقتصادياً وما زال الحصار مستمراً الأمر الذي أدى الى مقاومة هذا الحصار ومحاولة التخلص منه، نتيجة لأعمال المقاومة شنت اسرائيل عدوان 2008/2009 وفي عدوان 2012 تم تدمير البنية التحتية والقتل والدمارواستشد اكثر من 1400 واكثر من 7000جريح معظمهم مدنيين وجرى اتفاق برعاية مصر برفع الحصار وفتح المعابر إلا أن اسرائيل لم تلتزم واستمر الهدوء حتى عدوان 2014.
البيئة الإستراتيجية الدولية والإقليمية التي قادت لعدوان 2014
4. لم تتمكن الولايات المتدة والعالم الغربي من الضغط على اسرائيل لتنفيذ الإتفاقات المبرمة بين السلطة واسرائيل ولم يستطيع كيري اقناع اسرائيل بتنفيذ خطته إلا بالموافقة على ما تمليه على الفلسطينيين وتذرعت ايضا بعدم وجود شريك فلسطيني وأن هنالك اطراف فلسطينية تسعى لتدمير اسرائيل ولأن اسرائيل تريد الأرض والسلام في آن معا الأمر الذي قاد الى احباط ويأس شديد من عملية السلام إضافة إلىمعاناة القطاع من أزمة خانقة ونتيجة للظرف الإقليمي وعدم وجود داعم للمقاومة ومحاربة حماس العنصر الرئيسي في المقاومة من قبل مصر والخليج بشكل عام لتوجههم الإخواني هذا من جانب وفقدان المقاومة الدعم الرئيسي من قبل ايران وسوريا لعدم تأييدهم لنظام بشار الأسد من جانب آخر فإن خيار المصالحة مع السلطة الفلسطينية هو الخيار المتاح أمامهم.
5. تمت المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وبشروط السلطة أي جر المقاومة الى خيار التفاوض والحلول السلمية الأمر الذي يتناقض مع مصلحة اسرائيل في تهربها من تحقيق السلام المنشود دولياً وعربياً فكان إفتعال حادثة المستوطنيين الثلاث في 12 يونيو 2014 إسرائيلياً حيث أنه لم يتم تبني هذا العمل أي من الفصائل الفلسطينية وكان لهذا الحادث تداعياته على الساحة الفلسطينية حيث تم اعتقال معظم الذين تم الإفراج عنهم بصفقة شاليط والتضييق على الفلسطينيين واتهام حماس وتم تحليق طائرات اسرائيلية فوق القطاع ونتيجة للإستفزازات المستمرة تم اطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل وهذا ما ارادته اسرائيل لبدء عدوانها في 8 تموز 2014حيث أطلقت على العملية اسم الجرف الصامد واطلقت المقاومة اسم العصف المأكول على العملية.
المواقف الدولية والعربية
6. هنالك تواطؤ امريكي غربي مع الكيان الإسرائيلي على المستوى الرسمي بشكل خاص بسبب إعتبارهم حق اسرائيل في الدفاع عن النفس وهذا يخالف المنطق والشرعية الدولية اذ كيف لهذه الدول أن تدعم موقف اسرائيل وهي تعلم أن المحتل وحسب الشرعية الدولية من حقه أن يقاو م من يحتل أرضه وحسب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة فغزة والاراضي الفلسطينية ما زالت تحت الإحتلال منذ عام 67، أما على المستوى الشعبي فقد جابت عواصم الدول الغربية ومدنها مظاهرات تنديد واستنكار وادانة لإسرائيل وعدوانها الغاشم.
7. رفض غالبية دول وشعوب امريكا اللاتينية العدوان الاسرائيلي وطالبت بوليفيا بمحاكمة إسرائيل أمام محكمة مجرمي الحرب، والأرجنتين التي قررت سحب الجنسية من أي مواطن يخدم في الجيش الإسرائيلي ،ونددت كل من البيرو والمكسيك والبرازيل وتشيلي وكوبا وكولومبيا وباراجواي والأرجتين واورجواي وبنما والأكوادور والدنميكان وفنزويلا وكوبا،وكذلك سحبت كل من البرازيل والإكوادور وتشيلي وبيرووالاكوادورسفرائها.
8. نددت معظم دول العالم الأخرى بالعدوان ومظاهرات في كثير من دول العالم استنكاراً له.
9. صمت مريب للنظام الرسمي العربي في بداية العدوان واستنكار وشجب لاحقا بل وقوف لجانب اسرائيل لبعض الدول بشكل خفي حسب ما اعلن نتنياهو وليفني، أما على مستوى الشعب العربي ومنظمات المجتمع المدني فقد وقفت بقوة مع المقاومة وجابت كثير من عواصم ومدن الدول العربية مظاهرات تنديد.
خسائر الطرفين
10. خلفت هذه الحرب مع وقف إطلاق النار بعد مرور 50 يوماً على العدوان استشهاد 2137 شهيداً منهم 302 إمرأة و578 طفلاً و102 شهيد من المسنِين و338 مجاهداً من المقاومة من مختلف الفصائل على رأسهم ثلاثة قادة من كتائب القسام هم رائد العطار ومحمد برهوم و محمد أبوشمَالة و17 صحفياً وإصابة11100 مصاب، ناهيك عن تدمير البنية التحتية بما فيها المنازل ما بين تدمير كلي و جزئي لأكثر من 15600 منزلاً و هدم 71 مسجداً في مختلف مدن و قرى قطاع غزة، بينما قتلت المقاومة 110 ما بين ضابط و جندي من جيش الاحتلال بحسب تصريحات كتائب القسام، فيما تؤكد إسرائيل أن عدد القتلى بين صفوفها فقط 69 من قواتها و قد أعدت هذا الرقم الأكبر في تاريخ الحروب مع المقاومة عقب حرب 1967 .
الدروس المستفادة
11. إن من أهم الدروس التي تبدو ظاهرة للعيان ما يلي:
أ. صمود أسطوري لأهل غزة والمقاومة أمام آلة القتل الإسرائيلية على الرغم من أن ميزان القوى مختل بشكل مذهل لصالح اسرائيل وأن قطاع غزة مغلق أرضا وجوا وبحرا، وهذا نتيجة للقناعة والأيمان بعدالة القضية.
ب. عندما يكون التوجه السياسي غير سليم وهدف الحرب غير واضح تصبح الأعمال العدائية خارجة عن التصور الإنساني وتكون هستيريا الحرب قد أخذت مداها في القتل والتدمير ، ومما يشار اليه في هذا العدوان الفشل الإستخباري وتحديد دور العملاء الأمر الذي قاد الى التدمير في كل مكان.
جـ. استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تقرر رؤيا شعب يريد التحرر من الإحتلال وأن تبلور أهداف فلسطينية منطقية قابلة للتطبيق عدا عن توحيد الشعب الفلسطيني بعد أن كان الإنقسام والتشتت سمة واضحة لفريقين مختلفين .
د. عندما يكون الإستعداد للمعركة والإرادة السياسية متلازمان تكون الأهداف في متناول اليد ويتمكن صاحب الحق من فرض شروطه ولو بالحد الأدنى مهما علت قوة الباطل.
هـ . هنالك فرق بين المقاومة للمحتل والإرهاب وهذا ما أكدته الشرعية والقانون الدولي وصدحت به حناجر الشعوب في مختلف ارجاء العالم وظهر جليا هذا المبدأ خلال هذا العدوان.
و. لا يمكن نزع سلاح الخصم عندما تتوفر لدية العزم والإرادة والتصميم على القتال والإستعداد له وهذا ما ظهر واضحاً خلال عملية التفاوض غير المباشر وما يجري في ميدان المعركة والطلب من المقاومة نزع سلاحها.
ز. أخذت المقاومة وحماس بالتحديد بجريرة الإخوان المسلمين من قبل مصر ودول الخليج بل وكل الدول التي لها مواقف مناكفة للإخوان وكذلك لكل الأشخاص والأحزاب وأصحاب الأجندات المشبوهة لذلك كان الصمت المريب دولياً لما يجري لعل نهايته تكون قريبة.
حـ . المثير للإهتمام أن هنالك حالة استقطاب وتحالفات سياسية في المنطقة علنية غيرمعهودة خلال هذا العدوان مصطفة تماما ضد المقاومة وحماس واصطفافات أخرى علنية وواضحة من قبل أضداد مجمعة على كسر إرادة الشعوب.
ط. تشكل الأنفاق التي أقامتها المقاومة ظاهرة عسكرية مذهلة من حيث الإستخدام ومفاجأة للعدو مما أثار الرعب بين قواته وأوقع خسائر كبيرة فيه.
ي . لم يثبت في هذه الحرب أن الصواريخ التي أطلقتها المقاومة عبثية كما يروج لها المرجفون والمهزومون بل كان لها كلفة عالية على الإحتلال في جميع المجالات النفسية والإقتصادية والمعنوية والهجرة المعاكسة .
ك. الشجب والتنديد والإستنكار لم يتمكن من وقف المذابح والمجازر والقتل والتدمير إنما الصبر والعزيمة والإرادة هي التي أجبرت العدو على الرضوخ لشروط المقاومة.
ل. من الواجب على السلطة عدم تضييع الفرصة السانحة التي وفرتها المقاومة في الضغط على المحتل والمطالبة بتطبيق الشرعية الدولية قرار مجلس الأمن 242 بالكامل والإنتباه بعدم زج سلاح المقاومة لحالة من المساومة يريدها العدو لإطالة حالة التفاوض القادمة.
م. جولة الصراع هذه هي الأكثر كلفة على العدو من الناحية السياسية والأخلاقية وتمثل نصر للمقاومة سياسيا ومعنويا وتعتبر مكلفة جداعلى الشعب الفلسطيني من الناحية المادية.
ن. بسبب عدم التزام اسرائيل باتفاق عام 2012 والحصار المفروض على اهل غزة منذ 2006 الذي يعتبر موتاً بطيئاً لمقومات الحياة وانسداد كل الآفاق امام المقاومة محلياً واقليمياً ودولياً كان خيار المصالحة والذي اعتبرته اسرائيل في غير صالحها كان العدوان ولا أدل على ذلك من تصريحات نتنياهو بعد وقف اطلاق النار أن على عباس الإختيار بين التفاوض للحل السلمي وبين حماس.
س. جولة الصراع هذه أعادة الأولوية للقضية الفلسطينية بعدما أرجأتها الظروف الإقليمية وأنعشت الآمال عند الأمة بامكانية تحقيق النصر وإعادة الحقوق.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012