أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


مرثية لـ"ربيع العرب"

بقلم : جهاد المنسي
03-12-2014 01:59 AM
قالوا في الامثال الشعبية 'الباب اللي بجيك منه الريح سده واستريح'، هذا ما حصل مع 'ربيع العرب'، عندما رجفت قلوب البعض من ديمقراطية شعبية سلمية، فقرر اولئك الراجفون الخائفون غلق الباب عليه، وقتله في مهده إن استطاعوا، أو نقله لمواقع بعيدة عنهم.
ليست صدفة خروج الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك من سجنه بريئا، ففي الأثناء جرت مستجدات كثيرة، وفي الأثناء سُقي 'ربيع العرب' بمياه ملوثة لقتل فرعه، وتجفيف نبعه، وقطع نسله، واغتيال حلمه، وهذا ما حصل.
الصحف المصرية عنونت مانشيتاتها الرئيسية بعد صدور قرار البراءة بحق الرئيس المخلوع، وعدد من قيادات حزبه، بالتساؤل من قبل بعضها باستنكار (من قتل الثوار؟؟!!)، هو سؤال جدي ومنطقي ومحق، يبحث عن جواب، ربما لن نحصل عليه حتى بعد حين.
المعروف أنه في ثورة يناير المصرية سقط شهداء، فمن الذي قتلهم يا ترى؟، وهل بات القاتل خفيا؟ هارب من وجه العدالة مثلا!!، وهل باتت ثورة يناير بلا بواكي لها؟!!، وانحصرت المطالبة بدماء الشهداء الذين سقطوا في الثورة حكرا على أهاليهم فقط.
عمليا 'ربيع العرب' الذي بدأ بتونس، وتبعته مصر، فاليمن، بدأت عملية التخطيط لقتله وتقويضه منذ يومه الأول، وظهر ذلك جليا عندما تحولت المطالبات الديمقراطية الشعبية لعمليات مسلحة، رأيناها لاحقا في ليبيا وسورية والعراق، أريقت فيها الدماء، وقوض فيها بنيان تلك الدول، ونهبت مقدرات الشعوب واعتدي عليها، واستنزفت على أثرها الجيوش العربية.
الربيع الديمقراطي السلمي اريد له ان يتحول دمويا إرهابيا، سوداويا، قاتلا، ناهبا لمقدرات الدول، وقاطعا للرؤوس، وسارقا لأحلام الشعوب بالديمقراطية وبالدولة المدنية الحضارية، التي عنوانها حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد والإفساد.
أمام تلك المطالبات، لم تكن صدفة أن تتوحد كل الافكار الرجعية والظلامية واللاديمقراطية، والاستبدادية، لقتل الفكرة، واغتيال الحلم العربي، وتوقيفه عند حده، وتحويل الربيع إلى خريف، جف فيه الحلم، وشتاء يجرف ما علق في الرأس من أفكار ديمقراطية، خلال فترة المد الربيعي الموؤود بفعل تحالف الطبقات الرجعية في الوطن العربي من محيطه إلى خليجه.
ليس غريبا أن تعود عقارب الساعة للوراء، وأن يعود المشهد من جديد لما كان عليه قبل 2010، فالربيع المحكي عنه، لم يصل لمكانه الصحيح، ولم يحطّ رحاله في مطارح كان يتوجب الوصول إليها منذ سنين، وتاه في صحراء القحط، فحول وجهته إلى أماكن ليست هي هدف التغيير الأول، وليست هي العنوان.
لم تكن براءة المخلوع مبارك مفاجأة، وإنما جاءت طبيعية وعادية في ظل النكوص والتراجع، الذي رأيناه خلال العام الحالي وما سبقه، من الربيع العربي المؤوود، بفعل التحالف الطبقي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والظلامي والرجعي العربي، الذي لا يرى في الديمقراطية، وحق الشعب في الاختيار وسيلة يمكن لتلك الطبقات أن تعيش في ظلالها، لأنها لم تتعود تنفس الحرية، وارتضت أن تمارس كل أفكارها في الظلام، حيث لا يوجد من يرى، ولا من يسمع، ولا من يحاسب، ولا من يعاقب.
أيها الربيع الموؤود، قبل أن ترى النور، يامن جاء خريفك مبكرا، وشتاؤك قاسيا، أضاعوك متعمدين، وأضلوا طريقك، وذهبوا بك لأماكن ليست هي الهدف، وليست هي العنوان، جزوا الرقاب باسمك، وفتتوا حواضن العرب تحت شعارك، ومارست قوى الظلام أبشع اإرهابها، تحت راية حضرتك، ولعبت بك الدول ألعابها، وتفننت في إبعادك عن اسمك الحقيقي الذي يجب أن يزهر وردا وحرية.
نجحت كل التحالفات في طمس الحلم، وتحويله إلى خوف من القادم، وترهيب الناس من أية مطالبة بالحرية والديمقراطية. رغم ذلك، فإن المطالبة بالديمقراطية حق لا يموت، وهي الأساس في النفوس، وأن الانسان يولد وهو يحلم بالحرية.
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
03-12-2014 02:52 PM

نعتذر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012