أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


من أيقظ هذا المارد؟!

بقلم : د.محمد ابو رمان
20-03-2015 12:51 AM
يصف رضوان السيد، المفكر والمؤرخ العربي المعروف، الموجة الحالية من التوتر السُنّي-الشيعي بأنّها الثالثة في تاريخ 'التوترات' الكبرى بين الطرفين. ويضيف (في كتابه المهم 'العرب والإيرانيون') بأنّ الموجة الأولى تمثّلت في الحقبة التي أطلق عليها 'مرحلة التكوين' (التشكلات المذهبية والطائفية بين الاتجاهين السُنّي والشيعي وداخلهما)، وامتدت في الفترة بين القرنين الرابع إلى السابع الهجري. والثانية، هي الحقبة التي تزاوج فيها الصراع المذهبي بالسياسي، وتقع بين القرنين التاسع والحادي عشر الهجري، وتميزت ببروز العلاقة بين السلطة السياسية والمذاهب الدينية، وبدأت تجليا مع انهيار الخلافة العباسية على يد التتار في العام 651هـ.
يقدم كتاب الدكتور السيد (بخاصة الفصل الثاني منه) تحليلاً وتشريحاً ممتازين لخلفية التوترات والأزمات، وطبيعتها وتشكلاتها. ويرسم لنا المراحل التاريخية والأيديولوجية التي مرّت بها. لكن أحد أهم الآراء التي يتبنّاها رضوان السيد، وأتفق معه تماماً فيها، أنّه من الخطأ إحالة التوترات السياسية الراهنة القائمة إلى تلك التوترات التاريخية، بل ما يحدث اليوم هو نتاج أزمات راهنة، ذات أبعاد سياسية بالدرجة الأولى، تمّ خلالها استدعاء الذاكرة الصدامية والاشتباكية بين السُنّة والشيعة، من قبل الأطراف المتصارعة.
وربما المفارقة المهمة التي يذكرها السيد في كتابه، هي أنّ العالم الإسلامي دخل إلى الأزمنة الحديثة، وفي براثن الاستعمار الغربي، والجبهات الصراعية الداخلية قد خمدت وتراجعت، بل وبدت هناك حالة مهمة من التقاربات والتواصل المذهبي والجغرافي والثقافي. ويذكر مؤرخنا أمثلة عديدة على ذلك، من بينها أنّ مفجّر الثورة الإصلاحية النهضوية العربية المعاصر، هو جمال الدين الأفغاني، وهو إيراني، وكثير من الكتب والأدبيات تختلف حوله فيما إذا كان شيعياً أم سُنياً. كما أنّ محمد إقبال، الشاعر الكبير، هو رمز لدى الطرفين على السواء. وأمثلة كثيرة كذلك.
يحيل الكتاب بروز التوتر الجديد إلى ثلاثة عوامل أساسية. الأول، هو الإحياء القومي، بما يثيره من حساسيات سياسية ودينية واجتماعية. والثاني، الإحياء الديني، بدلاً من تيار الإصلاح والنهضة، وهو تيار تزامن صعوده لدى الشيعة والسُنّة على السواء. والثالث، هو السياسات الدولية تجاه المنطقة.
وعليه، فإذا أردنا، من وجهة نظري، فهم ما يحدث حالياً من انفجار الصراع الطائفي، أو 'خروج' هذا المارد من القمقم؛ وإذا كان الدكتور السيد حدّد العوامل الاستراتيجية الكلية الثلاثة، فمن المهم أن نقترب أكثر من التفاصيل والواقع السياسي، لنبحث عن الأسباب التي صعّدت من هذا التوتر الجديد. وهي بالضرورة ترتبط اليوم بالنفوذ الإيراني الجديد باستخدام الورقة المذهبية، والحرب الباردة بين طهران والرياض، ودخول تركيا على الخط. ويعزز ذلك كله الفراغ الاستراتيجي العربي الراهن، الذي أضعف من موقف السُنّة في العراق وسورية ولبنان، وأغرى إيران بالهيمنة والتمدد، مقابل تخبط السياسات العربية.
لكن في الأثناء، من الضروري أن نطرح تساؤلات أكثر جرأة وصراحة؛ تتجاوز ديناميكية الصراع الراهن إلى أسبابه وشروطه. ولعل هذا يدفع إلى مراجعة مسألتين في غاية الأهمية: الأولى، لماذا نظرت الدول العربية إلى إيران، ابتداءً، بوصفها عدواً وخصماً، بدلاً من أن تكون شريكاً في بناء الأمن الإقليمي والتفاهم؟ والثانية، لماذا خسرنا الشيعة العرب ودفعناهم دفعاً إلى إيران، بالرغم من أنّ خياراتهم الوطنية والقومية لم تكن أقل في مراحل سابقة من خيارات السُنّة؟!
مرّة أخرى، لو كانت هناك ديمقراطية وتعددية سياسية وثقافية، وتداول للسلطة وثقافات منفتحة، وأنظمة قانون وعدالة نزيهة، ومنظومات مجتمع مدني متقدمة، لاختلفت المعادلات تماماً، ولما وصلنا إلى مشهد يقتل فيه المواطنون بعضهم بعضاً بسكين المذهب والطائفة، وفي خلفية ذلك مصالح سياسية هي المحرّك الأساس لكل ذلك!
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-03-2015 01:33 AM

.
-- إن إحياء التطرف الوهابي المسلح ليخدم المصالح الامريكية في بوسنيا و الشيشان و افغانستان مع تجنب تام لإسرائيل خلق تساؤلات كبيره لدى السنة العرب

-- من دفع الشيعة العرب الى الحضن الايراني هي الوهابية التي عادتهم بحملات اعلامية شاحنة مكثفة بعدما أقلقها نمو منزلة حزب الله لدى السنه العرب

-- لتبرير تجنبها إسرائيل قدمت الوهابية لإيران اعظم خدمة بدفع الشيعة العرب لطلب حمايتها وها قد وصلت النار لطرف ثوبها

2) تعليق بواسطة :
20-03-2015 03:35 PM

أخي.. فاجأتني بتعليقك! كأنك لا ترى حرب الإبادة على السنة في العراق؟!

هل الوهابية تدعو المليشيات الشيعية لإبادة السنة في العراق باسم الحرب على داعش؟!

هل الوهابية تعتبر السني كافرا حلال الدم والعرض والمال لأنه لا يؤمن بالإمامة؟!

هل الوهابية تدعو أتباعها جهارا نهارا لسب الصحابة وأمهات المؤمنين باسم حب آل البيت؟!

هل الوهابية تجيز لأتباعها قتل كل من إسمه عمر أو أبو بكر أو عثمان أو إسمها عائشة؟!

هل الوهابية تشرف على تعذيب واغتصاب النساء والرجال في سجون النظام الطائفي في العراق؟!

سامحك الله!

3) تعليق بواسطة :
20-03-2015 04:58 PM

.
-- سيدي ,التعايش السني الشيعي بالعراق كان قائما لمآت السنين بما في ذلك المصاهرة و المشاركة و إحترام الآخر

-- حتى خلال الحرب العراقية الإيرانية حارب العراقيون سنة و شيعة إيران لأن صدام ركز على ان يكون صراعا بين العرب والفرس

-- بدعم الوهابية للتطرف السني أضعفت تاثير جكماء الشيعةالعرب وأعطت ايران الذريعة لدعم الانتهازيين و القتلة والملوثين عقليا من الشيعة العرب ليخوضوا حربها نيابة عنها
, لذا اصبح امر الجانبين من سنة و شيعة عرب بيد اسوء فآت المجتمع

و للاستاذ عين تربيع الاحترام و التقدير

.

4) تعليق بواسطة :
20-03-2015 06:12 PM

كثير ما يسئلني الاصدقاء عن محبتي الكبيره للعراقين ويعزون ذلك الى انني احب صدام حسين وارد عليهم بانني لا احب اي من زعماء العرب .كل خدمتي العسكريه كضابط كانت بحدود مدينة المفرق .في الصباح امر بجوار مقبرة شهداء الجيش العراقين واقراء لهم الفاتحه وكذلك بالمساء وفي وقت فراغي واستراحتي اذهب هناك وازيل الاعشاب والقش واكياس البلاستك عن قبورهم .هناك لا يوجد ما يشير الى ان الشهيد شيعي او سني او اشوري مسيحي .كلهم ضحوا من اجل فلسطين والاردن والعرب والمسلمين .لكم احبهم واحترمهم واجلهم .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012