أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


لهذا استهدف "داعش" تونس

بقلم : فهد الخيطان
21-03-2015 12:40 AM
في العراق، يمكن العثور على عشرات الأدلة التي تفسر الحضور الكبير لتنظيم 'داعش' الإرهابي في المشهد العراقي؛ استبداد متأصل، واحتلال أجنبي، وفراغ سياسي وأمني، وسياسات تمييز وإقصاء طائفي، وتدخلات خارجية، وغيرها الكثير.
وفي سورية أيضا ظروف مشابهة؛ نظام دكتاتوري، ثم ثورة ضلت طريقها، وصراع قوى دولية وإقليمية، أفرز حالة استطاع معها التنظيم الإرهابي أن يوجد له موطئ قدم في قلب سورية.
ولنا أن نعتمد نفس السردية في حالة ليبيا، وتجربة اليمن، وحتى مصر وما تشهده سيناء من نشاط إرهابي.
لكن ماذا تقولون في حالة تونس؟ لماذ يستهدف الإرهابيون هذا البلد؟
تونس هي الاستثناء الوحيد في تجارب 'الربيع العربي'، وقصة النجاح الوحيدة وسط فشل مدوٍ يلف أركان العالم العربي. بلد شق طريقه إلى المستقبل، رغم ما واجه من صعوبات في البداية. أرسى نظاما ديمقراطيا يضاهي الديمقراطيات الغربية، وأنجز مصالحة وطنية أفضت إلى برلمان يجمع القوى الحزبية كافة تحت سقفه، وحكومة تضم الإسلاميين إلى جانب العلمانيين.
كان ذلك كله نتيجة لعملية ديمقراطية وانتخابات شهد العالم كله على نزاهتها.
وتونس مجتمع متجانس طائفيا ومذهبيا إلى حد كبير؛ لا أحد يشكو من التهميش والإقصاء، كما في العراق أو سورية. والأهم من ذلك أن تونس مجتمع مدني بامتياز، لا يقارن بجاره الليبي على سبيل المثال. ويفخر التونسيون بكونهم أكثر شعوب العرب انفتاحا وقبولا للتعددية بكل أشكالها. الدستور الجديد لتونس يشهد على ذلك. تاريخ تونس مع الحداثة أطول من عمر بعض الدول.
إذا كان لبروز الجماعات الإرهابية في دول مثل العراق وسورية وليبيا ما يفسره، ولا أقول يبرره، فبماذا نفسر دخول 'داعش' على الخط التونسي، وارتكاب التنظيم للجريمة البشعة بحق السياحة التونسية، لا بل ووعيدها بالمزيد من العمليات الإرهابية؟
تونس تواجه وضعا مماثلا لوضع الاردن، وإن بدرجة أقل؛ فهي محاطة بدول يواجه بعضها فوضى أمنية مثل ليبيا، وأخرى تعد مصدرا لنشاط الجماعات الإرهابية. وفي مرحلة ما بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، وحضور تيارات الإسلام السياسي بشكل لافت في المشهد التونسي، استغلت جماعات إرهابية محسوبة على خط تنظيم 'القاعدة' الوضع، وجندت المئات من شباب تونس للالتحاق بالجماعات الإرهابية في سورية.
وبذل الإرهابيون جهودا كبيرة لتفجير الوضع في تونس، عن طريق عمليات الاغتيال للسياسيين المعارضين، واستهداف رجال الأمن وعناصر الجيش التونسي. لكنهم لم يفلحوا في تحويل تونس إلى بلد فاشل على غرار ليبيا.
الآن، وبعد أن تجاوزت تونس تلك المرحلة، ها هم الإرهابيون يحاولون مرة أخرى إعادة تونس إلى الوراء، وخلق الفوضى من جديد، على أمل أن تلتحق بليبيا وسواها من دول الفشل العربي.
إذا كان بروز الجماعات الإرهابية في بعض الدول هو وليد ظروف اجتماعية وسياسية وطائفية، تعكس حالة الفشل في بناء دول حديثة لكل مواطنيها، فإنه في حالة تونس يمثل ردا من الإرهابيين على ولادة نموذج ناجح للتغيير.
بهذا المعنى، فإن الجماعات الإرهابية ليست نتاجا للفشل، وإنما تعبير أصيل عن موقف معاد من هذه الجماعات تجاه التجارب الديمقراطية الناجحة. ووجود نظام ديمقراطي في دولة ما، ليس كافيا لتجنب خطر الجماعات الإرهابية؛ لا بل إنه، وكما في حالة تونس، يصبح دافعا قويا لهجمات الإرهابيين.
من التبس عليه الموقف من 'داعش' وسواها من الجماعات الإرهابية، ما عليه سوى معاينة موقفها من تونس ليعرفها على حقيقتها.
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-03-2015 03:14 AM

انا زرت تونس قبل عام و نصف شعب فقير جداً انحلال أخلاقي هذا من عوامل قدوم الفكر المتطرف لا توجد لحمة بين الشعب مثلما هي في الاردن

2) تعليق بواسطة :
21-03-2015 08:09 AM

.
-- غاب عن الاستاذ فهد أن إرتفاع نسبة المقاتلين التونسيين في داعش سببه هو أن القذافي كان يوظف مرتزقة من تشاد و النيجر و تونس بأعداد كبيره و هم من الفقراء و المهمشين .

-- بإنتهاء عهد القذافي إنقطعت ارزاقهم فتلقفتهم اموال البترول ليطلقوا لحاهم و يقصروا أثوابهم و يبقوا على نفس دورهم زمن القذافي في النهب و السلب و القتل و الإغتصاب .

.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012