أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


المهمشون وحلم "داعش"

بقلم : د.محمد ابو رمان
16-06-2015 12:47 AM
في مؤتمر دولي، على درجة من الأهمية والعمق، بعنوان 'سر الجاذبية: الدعاية والتجنيد لدى داعش' (نظمته مؤسسة 'فرديريش إيبرت' الألمانية أمس)، تناقش خبراء وباحثون، محليون وعرب وغربيون، بشأن الأسباب التي تدفع بالشباب إلى الانضمام إلى هذا التنظيم، أو تبني ذلك الفكر.
الجلسات غطت محاور المؤتمر؛ من تناول الحالتين العراقية والسورية أولاً، ثم الأردن والسعودية ولبنان، وصولاً إلى تونس، ثم أوروبا، وأخيراً مقارنة تلك الحالات المختلفة للوصول إلى نتائج حول أسباب الجاذبية لدى التنظيم.
وبالرغم من تنوع الحالات واختلاف الأسباب التي سمعنا بها أمس، ووصول المتحدثين إلى نتيجة مهمة، هي أنّنا نتحدث عن شروط مركبة ومعقدة، وليست بسيطة أو مختزلة، إلاّ أنّ هناك عبارة مفتاحية يمكن أن تتوافر في أغلب الحالات: أزمة الدولة الوطنية التي فشلت في تأمين الحاجات الرمزية والمعنوية قبل المادية؛ أي التهميش والإقصاء، والطائفية والاستبداد، والإحباط والرغبة في الانتقام، والبحث عن الهوية والمعنى والحلم أو الوهم، والثورات المضادة للربيع العربي، وخيبة الأمل من التغيير السلمي.
من الأوراق المميزة في المؤتمر، ورقة للباحث التونسي سامي براهم، تناول فيها 'الدواعش التونسيين'، عبر عرض نتائج لدراسة طويلة شملت مئات الحالات. وتكمن أهمية الورقة في أنّها تجيب عن السؤال المهم لدى كثير من المراقبين: لماذا تونس تعد من الدول الأكثر تصديراً لهؤلاء الاشخاص، بالرغم من أنّها نجحت في اجتياز مدخل التحول الديمقراطي، بعيداً عن شبح التجربة المصرية، وتوافرت على دور قوي للإسلام السياسي السلمي المعتدل؟
يجيب براهم عن هذا السؤال بفشل مشروع العلمنة التحديثية القسرية المفروضة من الأعلى على المجتمع خلال العقود السابقة؛ فشلها في المزاوجة بين الحداثة والقيم الإسلامية للمجتمع، وفشلها في بناء تنمية عادلة، على النقيض مما كان يتصور، فبقيت مساحة واسعة تعاني التهميش والإقصاء وغياب العدالة والتنمية.
يضيف براهم: 'خريطة الإرهاب هي نفسها خريطة التهميش الاجتماعي؛ هم أنفسهم ينتمون إلى المناطق المحرومة المهمشة، التي لم تطأها قدما الدولة. صورة تونس الحديثة هي صورة وهمية، وهناك مناطق لا تدخلها التنمية ولا الماء الصالح للشرب. وفي هذه المناطق تغيب الدولة، ويجد المواطنون أنفسهم مع خطاب الاستقطاب، الذي يوفر حاجات نفسية واجتماعية واقتصادية'.
هذه الشقوق التي تركتها الدولة، تحرك فيها هذا النموذج بسرعة ليملأ الفراغ. فداعش ليس تنظيماً عسكرياً في تونس، وإنما هو ظاهرة اجتماعية، ونفسية، وسياسية، واقتصادية، وحتى إعلامية، والأهم شبابية؛ يجد فيها كثير من الشباب الحلم-الوهم الذي يبحثون عنه. فالمهاجرون التونسيون إلى 'داعش' يبحثون عن 'دولة جديدة، تنتدب شعباً جديداً، من دون المرور عبر طابور طويل من المناظرات والمصعد الاجتماعي الطويل'؛ هي هجرة جماعية من مشاعر التهميش والفقر واحتقار الذات، إلى 'مشاعر الفخر والاعتزاز بالذات، والانتقال من الهامش إلى قادة في المركز الجديد'!
باختصار، الحلم الداعشي هو الحلم الغلط الذي يسير نحوه المهمشون، أو الذين يبحثون عن بديل للواقع القائم. بالرغم من ذلك، فإنّ الوجه الآخر لقصة التونسيين، أنّه برغم العدد الكبير المتأثر بهذا الفكر، إلاّ أنّهم ما يزالون خارج محطة القبول الاجتماعي، ولذلك يهاجرون إلى الخارج، ولا يستوطنون في الداخل، لأنّ شروط الإنتاج قد تكون متوافرة لكن الحاضنة الاجتماعية التي تتقبلهم وتمنحهم شبكات الأمان الاجتماعي والسياسي غير موجودة.
في كل حالة من الحالات، نجد أنفسنا أمام أسباب وشروط واقعية موضوعية، ولسنا أمام ظاهرة ولدت من رحم الفراغ أو تم استيرادها من الخارج.
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-06-2015 02:37 AM

I think these theories describe only one part of the story and not the whole story. If it is about poverty and lack of representation, then why don't the poor people in India, Bangladesh, and in Thailand are not becoming like ISIS? Why do we see these breeds of extremists only in the Middle East, Pakistan, and Afghanistan? We have a major problem in the Arab World that goes beyond poverty and lack of representation. We have a major misunderstanding of religion and its role in modern societies

2) تعليق بواسطة :
16-06-2015 05:35 AM

اي انسان يشعر انه لاقيمة له في وطنه ومحروم من كل مقومات الحياه والعدالة الاجتماعية في حين يرى فئات اخرى تنعم بالرفاه والحياه الكريمة والثراء الفاحش بغض النظر عن مصدرالثراء ورغد العيش سيتطلع الى الخلاص والى اي بلاد وأي كيان يحقق له مايحلم به من حياه كريمة وهذا درس للدول لمن يتعظ ويعتبر ؟؟؟

3) تعليق بواسطة :
16-06-2015 08:22 AM

وعندنا فشل مشروع العلمنه الذي حاول باسم عوض الله وزمرته فرضه علينا تحت شعار الانفتاح والرقي الاجتماعي والتنمية الاقتصادية وغاب عن ذهن هذه الطغمة اننا في الاردن لنا تقافتنا و موروثاتنا الدينية و الاجتماعية وعاداتنا و تقاليدنا التي لا تتفق مع النمط الغربي الذي حاولوا فرضه علينا واثار سياستهم التدميرية ما زالت واضحة خاصة اقتصاديا و اجتماعيا فلا زلنا نكتوي بنارهم

4) تعليق بواسطة :
16-06-2015 09:33 AM

مقال وتحليل جميل للكاتب ، ومهم ، فلا يكفي ان نلعن الظلام ولكن يجب ان نضيء شمعة المعرفة ونبحث عن سبب انقطاع (النور) – نور- المعرفة وغياب الرأي السديد حتى لا نقع فريسة لاحتكار (مصادر) الطاقة وتكون (لوحة) قواطع ومصادر النور تحت ايدينا وتحت سيطرتنا ولا يمتلك زمام امورنا احد ...
اورد الكاتب الفاضل (اسباب) كثيرة ومهمة للانضمام الى (داعش) واللجوء الى (خيار) التطرف والارهاب ...؟؟؟

5) تعليق بواسطة :
16-06-2015 09:33 AM

نعم ، هو الامر كذلك ، اصبح التطرف والارهاب (خيار) في ظل انفلات الحريات وفي خضم العصف الذهني لمفهوم الحرية المسؤولة ، وفي خضم غياب القيم وضياع المرجعيّة العالميّة لإعطاء الاشياء (مسميّاتها) المناسبة والصحيحة ، والاختلاف والتباين فيما بين قيم وثقافات العالم ، وفي ظل محاولة البعض فرض فكره وثقافته التى تتناسب مع مجتمعاتهم ليحاول فرضها وتطبيقها في مكانها وزمانها غير المناسبين ضانا منه انه بذلك يقدم (جائزة) او هدية لمن (يعتقد) انهم يحتاجون لها ولهم ...

6) تعليق بواسطة :
16-06-2015 09:34 AM

اعتقد ان الارقام التى توردها التقارير المختلفة عن اعداد وخلفيّات وبلدان المنتمون (لداعش) تظهر ان معظمهم جاءوا من (اوروبا) والتى لم يظهر في المقال او التحليل اي ذكر للاسباب التى تدفع (الاوروبين) - الاكثر عددا – للالتحاق والانظمام الى صفوف (داعش) ...؟؟؟
قد يكون صحيحا في جانب (جزئي) من الموضوع ان اسباب التهميش والبطالة والاقصاء هي من اهم الاسباب في (بعض) الدول العربيّة للانضمام الي (داعش) ، ولكن ينبغي مناقشة الامر الاكبر ومحاولة فهم اسباب الظاهرة (الشموليّة) للموضوع ...

7) تعليق بواسطة :
16-06-2015 09:35 AM

بماذا اذا نفسّر انضمام من توفّر له كل اسباب الراحة والنقاهة والمال والرفاهيّة ورغد العيش ، ليترك كل ذلك ويأتي الى (الصحراء) ويمارس القتل والتنكيل و(ليبحث) عن الموت ...؟؟؟
البحث عن الموت ، عن امر مختلف ، هذه هي الثقافة (السائدة) في هذه الايام بين صفوف الشباب (الاوروبيين) ، فراغ روحي ، ملل من الحياة ، وإكتفاء وإشباع من الملذات ، طريق الى الانتحار ، انتحار من نوع آخر ...

8) تعليق بواسطة :
16-06-2015 09:35 AM

الامر موضوع عالمي ، وعنف يجتاح العالم بأسره ، الامر يحتاج الى (دراسات) كثيرة يتم فيها مناقشة (السلوك) وتراكمات (تكوين) الشخصيّة الانسانيّة العالميّة ، الامر (نفسي) وسيكيولوجي اكثر من كونه (اجتماعي) او اقتصادي ...

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012