أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


منجز الحكومة بالأرقام

بقلم : جمانة غنيمات
18-06-2015 01:18 AM
بالأرقام، لا يمكن لغير جاحد إنكار ما تحقق من منجز اقتصادي في عهد حكومة د. عبدالله النسور، التي استكملت تنفيذ برنامج التصحيح الاقتصادي المبرم مع صندوق النقد الدولي، بما تضمنه من قرارات قاسية، تحمّل كلفها المواطن الأردني، وتحديدا المنتمي للطبقة الوسطى.
لكن المؤشرات كلها تشي بأن الاقتصاد يبحث حتى الآن عن بوصلة ترشده؛ إذ لم يستقر بعد على الوجهة التي يسلكها، وليكون مبكرا الجزم بأنه يمضي في الاتجاه الصحيح.
جردة الحساب التي قدمها رئيس الوزراء د. عبدالله النسور أمام رؤساء التحرير وصحفيين اقتصاديين، يوم الإثنين الماضي، كانت ضرورة بالنسبة للحكومة، لإبراز ما فعلته خلال السنوات الماضية، وبحيث حرص الرئيس على سرد الوقائع كاملة؛ ربما ردا على رسالة نواب ضده رفعت إلى جلالة الملك.
بلغة الأرقام، حافظ الاقتصاد على معدلات نمو مستقرة تقريبا؛ إذ نما بنسبة 2.7 % في العام 2012، وصولاً إلى 3.1 % في العام 2014.
لكن إذا كان صحيحا فعلاً أن الاقتصاد حقق نموا، برغم تأثره الكبير بأحداث الإقليم وأحواله الملتهبة، إلا أن ذلك في المقابل، غير كاف لتحقيق شروط التنمية؛ بتمكين المجتمع من استشعار عوائد وخيرات هذا النمو.
كذلك، تراجع التضخم بشكل ملحوظ؛ من 4.8 % في العام 2013، إلى
1 % خلال الثلث الأول من العام الحالي. ولتبدو الملاحظة الأساسية حول هذا المؤشر في أن السوق لم تصلح نفسها؛ إذ لم ينعكس الانخفاض السابق بالدرجة الكافية لشعور المستهلك به، في مختلف السلع والخدمات، اللهم باستثناء تلك التي تسعّر بشكل مباشر من الحكومة، وهي المحروقات، وبحيث بقيت أغلبية مكونات سلة المستهلك على مستواها المرتفع.
المتتبع لمؤشر البطالة في عهد الحكومة الحالية تصيبه الدهشة والاستغراب. فالأرقام الرسمية تُظهر انخفاض الظاهرة خلال العام 2014، إنما بما يصطدم مع كل النتائج المتوقعة، استناداً إلى عوامل مؤثرة كانت تؤكد أنها سترتفع؛ منها اللجوء السوري، ومعدلات النمو التي لا تؤهّل الاقتصاد لخلق فرص عمل بالقدر الكافي لخفض البطالة. ومن ثم، فقد ظلت الأرقام الرسمية محل تشكيك واتهام بعدم الدقة، حتى بعد أن جاءت إحصاءات العام 2015 لتكشف زيادة البطالة بنسبة تزيد على 1 % خلال الربع الأول الماضي.
عجز الموازنة العامة بعد المنح تراجع بشكل ملحوظ؛ كرقم مطلق وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. إذ بلغ 1.8 مليار دينار، منخفضا بعد المنح إلى 585 مليون دينار في 2014. لكن هذا المنجز لا يرتبط أبدا بسياسات الحكومة المتعلقة بضبط الإنفاق وترشيده وتوجيهه بالشكل السليم، وإنما هو انعكاس للتراجع الكبير في أسعار النفط عالمياً، وبالتالي انخفاض الفاتورة النفطية محلياً. ويرتبط بهذا العامل أيضا تراجع عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
رغم ذلك، ما من شك في أن ثمة منجزا مفيدا حمى الاستقرار النقدي، ومكّن من عبور الظروف القاسية، وهو القفزة الكبيرة في الاحتياطي الأجنبي، إذ زاد من 6.6 مليار دولار خلال 2012، إلى 13.6 مليار دولار في الثلث الأول من العام الحالي، تغطي مستوردات 7 أشهر. وقد ساعد في تحقيق هذا الرقم ارتفاع حوالات العاملين في الخارج، ونمو الدخل السياحي.
أما بشأن المديونية، فهي الأخطر في عهد حكومة د. النسور؛ كونها قفزت بشكل ملحوظ، لتبلغ حدودا خطيرة تهدد استقرار الاقتصاد النقدي والمالي. فالزيادة في الدين العام أكبر من المتوقع. وهي ليست كلها لتغطية قيمة الفاتورة النفطية، بل طغى على الحكومة الحالية المبالغة في الاقتراض، بداع وبغير داع، حتى وصل الدين قيمة 21.1 مليار دينار، وبنسبة تتجاوز 77 % من الناتج المحلي الإجمالي.
المديونية هي العلامة الفارقة التي ستلاحق هذه الحكومة؛ اليوم وغدا. وبصراحة، فإن المنجزات 'الرقمية' السابقة تفقد كثيرا من قيمتها مع الارتفاع غير المدروس في الدين العام، بل وربما يضيع كامل القيمة المضافة لهذه المنجزات، طالما أن المواطن لا يشعر بخيراتها، والطبقة الوسطى تسحق، كأحد متطلبات قرارات الحكومة الصعبة.
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012