أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


اسـتبـدادان متشـابهـان

بقلم : د. مهند مبيضين
27-10-2012 11:59 PM
أيدت سوريا التحالف العالمي على العراق مطلع التسعينات، وايدت إيران ذات حرب الاميركان على افغانستان بعد 11 سبتمبر، لا فرق في السلوك السلطوي بين الإسلام السياسي الذي تطرف وحكم باسم الدين، وبين الاستبداد في الأنظمة التقدمية.

في السودان حيث حكم جبهة الانقاذ باسم الإسلام، اقصاء وغرف تعذيب لكل مخالف، وفي العراق كان هناك ما هو اكثر من ذلك، في السودان حيث حكم الإسلام جرت التضحية بالجنوب بدعوى الحفاظ على الوحدة، وفي العراق استقل الشمال منذ ايام المرحوم صدام، بدعوى وحدة العراق والحيلولة دون دولة كردية.

في سلوك الطرفين خلال مرحلة السعي للسلطة، كلامهما يريد تحرير الفرد والمجتمع من القيود، الإسلام السياسي يريد هندسة الأمة، والمسلم الصحيح بحسب الحلال والحرام، وفي انظمة اليسار التقدمي هناك غاية لهندسة المجتمع ليخرج من حال الفقر والجهل والمرض.

كل منهما، اليسار والإسلام السياسي، أراد أن يخلق أمة جديدة تليق به، اعتمد الإسلام السياسي على المطاوعه؛ وفي حزب البعث اعتمد البعثيون على تحقيق مفهوم الأمة عبر إزالة الفقر والجهل والمرض عن طريق إجراءات سمّوها بالتنموية.

وفي مسار الاتجاهين لم يكن الفرق كبيراً بين البنية الفكرية لسلطة الاستبداد والبنية الفكرية للمعارضة الإسلامية، في الايديولوجيا الإسلامية المعاصرة جرى تكفير الأمة بسبب بعدها عن الإيمان، وفي اليسار كان هناك تكفير للأمة إذا بقيت على الفقر والجهل، والأمية.

في الثورة عند الإسلام السياسي ينقذ الشعب نفسه في الطاغية والاستكبار العالمي، فلا تستطيع النخب المحلية أو الدولية، الاستعلاء عليه وتكفيره أو اعتباره متخلّفاً، وتصير الحاكمية للشعب، وتعود الجماهير للحضور بقوة، ويرفع الشعار “لا لسلطة فوق الشعب”، ويجري اعتبار الشريعة مصدرا لسلطاتها، وفي الحزب القومي أو اليساري تكون الثورة هي الشرعية ومصدر السلطة.

وبالثورة لا يعود للطليعة المقاتلة، كما عند سيد قطب، أو الطليعة المناضلة كما عند اليسار والقوميين معنى أو لزوم؛ الثورة تعيد تركيب السلطة الجديدة، ولا يحتاج الشعب إلى من يجري عليه اختبارات التنظيم. الهندسة الاجتماعية والسياسة تفقد مبرّرها، بعد المخاض الثوري.

بعد الثورة في المعنى الإسلامي، يجري طرح الطريق الخلاصي، كل شيء يمر عبر الدين، وفي المجال القومي واليساري، الخلاص في استمرار الروح الثورية والأخوية الحزبية، الشيوخ في الإسلام السياسي، هم كبار الساسة، والرفاق المناضلون الاوائل هم الحكماء الذين يخططون لمستقبل الأمة في إطار الحزب.

الإسلام ارحب من ان يحصر بولاية فقيه، او مرجعية حزب ديني او جماعة إسلامية، والحرية والتقدم أكبر من ان يخطط لها جماعة من حزب ساري. المجتمعات تهتدي بنفسها، تطبق الدين في إطار الرحمة والمعاملة والوشائج الطيبة والإخلاص بالعبادة، أما الحكم فلا دليل على أنه وجد بالمعنى التنظيمي الدقيق الذي يريده الإسلاميون اليوم.

اليسار فقد طروحاته، وفقد بقايا انظمته، فشل بالمعنى السياسي والتنموي في التحرير، ولذلك انفجر الشارع العربي ضده في ليبيا وتونس واليمن وسوريا، كان الانفجار متوقعا لانه خلاص الجماهير، وفي ايران والسودان سيكون ذات المآل قريبا أم بعيدا.

(الدستور)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012