أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 أيار/مايو 2024
الأحد , 19 أيار/مايو 2024


السر المفضوح!

بقلم : د.محمد ابو رمان
30-05-2014 12:49 AM
من أطرف الصور الفوتوغرافية للانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة، مشهد قطيع من الأغنام يسير بانتظام أمام مقرّ إحدى اللجان الانتخابية. وهي الصورة التي حظيت بنسبة مشاهدة وتعليقات عالية؛ إذ وجد فيها المقاطعون تعبيراً رمزياً دقيقاً عن الطريقة التي تدار بها تلك الانتخابات الرئاسية، والمنظور الحقيقي الذي يرى من خلاله السياسيون المؤيدون للسيسي والإعلام المواطنين المصريين!
إلاّ أنّ الصدمة الكبيرة للإعلام والسياسيين، في العالم وليس في مصر فقط، هي أنّ الشعب المصري لم يقبل بهذه الصورة، وأعطى درساً قاسياً لمهندسي الانقلاب وسدنته، عبر مقاطعته الكبيرة للانتخابات التي جرت، وتخريبه للمسرحية؛ ليس عبر مسيرات واحتجاجات في الشوارع، ولا عبر استخدام الرصاص، وإنّما بأسلوب جديد في العمل الثوري الصامت، لكن ضجيجه ونتائجه أشد فتكاً من كل أسلحة الجيوش وأصوات الإعلام وأكاذيب السياسيين المنافقين!
جُنّ جنون المذيعين والسياسيين المصريين وهم يشاهدون لجان الاقتراع فارغة من الناخبين. وضرب أغلب الإعلام المصري رقماً قياسياً تاريخياً في الردح والشتيمة والتهديد، الذي تجاوز الإخوان المسلمين والمقاطعين، إلى الشعب المصري نفسه! فبدأوا يتوعّدون الشعب، ويطالبون بتغريم المقاطعين، بل واتهامهم بأنّهم من أنصار الإخوان، ويخوّنون الجميع، ويشككون في بعضهم بعضاً. وتحوّلت تلك الحالة الهستيرية الإعلامية نفسها إلى مادة إعلامية طريفة على 'يوتيوب' وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي؛ يتناقلها الناس في كل مكان للضحك والتندّر!
الإعلاميون والسياسيون المصريون كانوا يحاولون خلال الأيام الماضية إيجاد تفسير لهذا العزوف الشعبي الكامل عن المشاركة في الانتخابات، وبدأنا نسمع إجابات مثيرة للسخرية هي الأخرى. لكنّهم لم يجرؤوا على تقديم الإجابة الحقيقية والواقعية للسر المزعوم، أو بعبارة أدق المفضوح، ألا وهي أنّ المصريين صفعوا كل من حاول تكرار فيلم الانتخابات المحسومة والهزلية!
الدرس المصري العظيم والتاريخي -ليس فقط لـ'الشلّة' التي تدير دفّة الانقلاب- هو أنّ اللعبة انتهت، وأنّ الشعوب لن تشارك في مسخرة انتخابية شكلية، ولن تقبل بأن تكون شاهد زور طالما أنّ أصواتها ليست هي من يصنع التغيير ويحدّد فعلاً اسم الرئيس، ويساهم في صناعة القرار السياسي. فتلك اللعبة القديمة، على حدّ تعبير أحد السياسيين المصريين، لم تعد ناجعة ولا فاعلة بعد اليوم!
الدرس المصري رهيب وصادم؛ فحجم الماكينة الإعلامية والسياسية والفنية والقانونية والأمنية التي اشتغلت خلال الفترة الماضية كبير جداً، ومحاولات التأثير على الناس ومشاعرهم وأفكارهم تنوعت وتعددت، وشيطنة الخصوم وصلت إلى مرحلة هائلة؛ وبالرغم من ذلك فشلت فشلاً ذريعاً. فلا الإعلاميون ولا الفنانون ولا القضاء ولا السياسيون ولا الشيطنة للخصوم ولا الأغاني السخيفة، استطاعت أن تحرّك المواطن من بيته إلى صندوق الاقتراع!
المفارقة أنّ الإخوان المسلمين مطاردون وفي السجون، ويحاكمون بالمئات وتصدر بحقهم أحكام بالجملة بالإعدام، وهنالك تعتيم إعلامي شديد، وإقصاء لأيّ صوت خارج القطيع الإعلامي والسياسي وتخوين له. وبالرغم من ذلك، قاطع المصريون، ولم تفلح محاولات زيادة أوقات الاقتراع ومنح إجازة للموظفين، وتمديد يوم آخر، في تغيير المشهد؛ كما لم يستطع الخطاب الغرائزي الترهيبي أن يفعل شيئاً، فاضطروا في النهاية إلى القيام بعملية تزوير هائلة مكشوفة على عينك يا تاجر لرفع نسبة التصويت إلى ما يفوق الـ40 %. لكنّ من يفضح ذلك ليس المراقبين ولا الخصوم، بل المذيعون المصريون أنفسهم، الذين كانوا يبكون على الهواء. كما يكشف حجم الفشل التلاوم المتبادل بين حلفاء السيسي. أما النسبة الحقيقية، التي يتحدثون عنها همساً وتلميحاً، فلا تصل إلى 10 %!
الدرس ليس فقط للنخبة المصرية، بل لكل من يعتقد أنّ العودة إلى مرحلة ما قبل الثورات الديمقراطية هو الحل!(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
30-05-2014 01:03 AM

سلمت يمناك وفعلاً انك حر ونبيل كثر الله من أمثالك

2) تعليق بواسطة :
30-05-2014 10:54 AM

لم يقتصر الردح على القنوات الإعلامية المصرية بل شارك في هذا الحفل الهزلي التلفزيون الأردني و بشكل سيء و فاضح. عيب يا ايها التلفزيون المنبوذ من معظم الشعب الأردني.

3) تعليق بواسطة :
30-05-2014 03:10 PM

بالله التلفزيون المنبوذ شارك بالسالفه المهزله .صدقوني لو نزلت فيفي ام الفشك كرئيسه لمصر كان جمعت اصوات اكثر من السيسي .يا جماعه السيسي لا يفقه بالسياسه شيى ولا يجيد التعامل مع البشر ومنبوذ اجتماعيا ولا يجيد الحديث حتى بالعربيه .الزلمه ليس صناعه وطنيه مصريه .الزلمه فصل لاعادة مصر 20 عاما للوراء .

4) تعليق بواسطة :
30-05-2014 04:29 PM

كلام جميل من الآخر....من كاتب ومحلل سياسي ( واقعي) ومتميز.....سلمت يمينك...

5) تعليق بواسطة :
30-05-2014 04:33 PM

الى المعلقين اتقوا اللة يا اخوة بلد فيها انتخابات وكنا نقول مصر ام الدنيا ويوم ما نجح مرسى كانت مصر خارجة من نظام الكل يعرفة وكان المنافس من نفس النظام وكان الغرب ومن لفى لفة مع الجماعة وقد وقعوا بالفخ ولم يتقنوا اللعب فى مصر وغيرها لتدخل المنطقة بالفوضى الخلاقة التى اوقعونا فيها ديروا بالكم من القادم لتقوم الكرام على الكرام واذا بيقنا على هذا الحال سندم عندما لا ينفع الندم

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012